أشياء تطاردها
و أخرى تُمسك بتلابيب ذاكرتك
أشياء تُلقي عليك السلام
و أخرى تُدير لك ظهرها
أشياء تودّ لو قتلتها
لكنّك كلّما صادفتها
أردتك قتيلًا
تكتبين روايات و قصائد في الحبّ، و لا يسألك أحد في من
كتبتها..... و لا هل يحتاج المرء حقًّا كلّ مرّة أن يحبّ ليكتب عن
الحبّ.
( لو كان نزار حيًّا لأضحكه السؤال. فالشاعر العربي الذي كتب
خمسين ديوانًا في الحبّ. لم يحبّ سوى مرّات معدودة في
حياته )
ذلك أنّ ذكرى الحبّ أقوى أثرًا من الحبّ، لذا يتغذّى الأدب من
الذاكرة لا من الحاضر.
لكنّك تقولين أنّك تكتبين كتابًا عن النسيان و يصبح السؤال " من
تريدين أن تنسي " ؟
لكأنّ النسيان شبهة تفوق شبهة الحبّ نفسه. فالحبّ سعادة.
أمّا السعي إلى النسيان فاعتراف ضمني بالانكسار و البؤس
العاطفي.
و هي أحاسيس تُثير فضول الآخرين أكثر من خبر سعادتك.
لكنّ الاكتشاف الأهمّ هو أن المتحمّسين لقراءة
" وصفات للنسيان "
أكثر من المعنيّين بكتاب عن الحبّ.
النساء و الرجال من حولي يريدون الكتاب نفسه. أوضّح للرجال
" و لكنّه ليس كتاب لكم "... يردّون " لا يهم في في جميع
الحالات نريده "!
كلّ من كنت أظنّهم سعداء انفضحوا بحماسهم للانخراط في
حزب النسيان.
ألهذا الحدّ كبير حجم البؤس العاطفي في العالم العربي؟!
لا أحد يعلن عن نفسه.
الكلّ يخفي خلف قناعه جرحًا ما، خيبة ما، طعنة ما.
ينتظر أن يطمئن إليك ليرفع قناعه و يعترف
: ما استطعت أن أنسى!
أمام هذه الجماهير الطامحة إلى النسيان.
المناضلة من أجل التحرر من استعباد الذاكرة العشقيّة.
أتوقّع أن يتجاوز هذا الكتاب أهدافه العاطفيّة إلى طموحات
سياسيّة مشروعة.
فقد صار ضروريًّا تأسيس حزب عربي للنسيان.
سيكون حتمًا أكبر حزب قومي.
فلا شرط للمنخرطين فيه سوى توقهم للشفاء من خيبات
عاطفيّة.
أراهن أن يجد هذا الحزب دعمًا من الحكّام العرب لأنّهم
سيتوقّعون أن ننسى من جملة ما ننسى،
منذ متى و بعضهم يحكمنا،
و كم نهب هو و حاشيته من أموالنا.
و كم علقت على يديه من دمائنا.
دعوهم يعتقدون أنّنا سننسى ذلك!
إذ إنّنا نحتاج أن نستعيد عافيتنا العاطفيّة كأمّة عربيّة عانت دومًا
من قصص حبّها الفاشلة.
بما في ذلك حبّها لأوطان لم تبادلها دائمًا الحبّ.
حينها فقط، عندما نشفى من هشاشتنا العاطفيّة المزمنة،
بسبب تاريخ طاعن في الخيبات الوجدانيّة،
يمكننا مواجهتهم بما يليق بالمعركة من صلابة و صرامة.
ذلك أنّه ما كان بإمكانهم الاستقواء علينا لولا أن الخراب في
أعماقنا أضعفنا. و لأنّ قصص الحبّ الفاشلة أرّقتنا و أنهكتنا،
و الوضع في تفاقم.. بسبب الفضائيّات الهابطة التي وجدت كي
تشغلنا عن القضايا الكبرى وتسوّق لنا الحبّ الرخيص و
العواطف البائسة فتبقينا على ما نحن عليه من بكاء الحبيب
المستبد... و نسيان أنواع الاستبداد الأخرى!
................................
...............
......
..