خطة بحث رهن المحل التجاري
الإشكالية: كيف يتم إنشاء رهن المحل التجاري ؟ وكيف ينقضي؟
* المقدمة..
* المبحث الأول: إنشاء رهن المحل التجاري...
* المطلب الأول: تعريف رهن المحل التجاري و أهميته...
* المطلب الثاني: شروط إنعقاد رهن المحل التجاري...
* المبحث الثاني: الآثار المترتبة عن رهن المحل التجاري وكيفية إنقضائه...
* المطلب الأول: الآثار القانونية المترتبة عن رهن المحل التجاري...
* المطلب الثاني: إنقضاء رهن المحل التجاري...
* الخاتمة..
*******************************
المقدمة :
عرفنا سابقا أن المحل التجاري هو عبارة عن مجموعة من العناصر المادية و المعنوية التي تتخذ صفة المال المنقول و بالتالي يكون المحل التجاري منقولا معنويا ذا أهمية بالغة ، إذ أن التاجر لا يحتفظ بالمحل لنفسه ، بل فكر في التصرف فيه و إستخدامه كأداة للإئتمان فوردت عله عدة تصرفات قانونية هي : البيع و الإيجار و الرهن . و لعل البيع هو أخطرها لأنه يؤدي إلى نقل ملكية المحل من البائع إلى المشتري ، عكس الرهن و الإيجار ، فهما لا ينقلان ملكية المحل ، كما ان مدتهما محددة بإتفاق الطرفين . و عليه في بحثنا هذا سنتطرق إلى النظام القانوني لرهن المحل التجاري ، ومنه طرحنا الإشكالية التالية : كيف يتم إنشاء رهن المحل التجاري ؟ و كيف ينقضي ؟
المبحث الأول : إنشاء رهن المحل التجاري...
المطلب الأول : تعريف رهن المحل التجاري و أهميته...
الفرع الأول : تعريف رهن المحل التجاري...
أولا : تعريف الرهن...
الرهن في اللغة هو: الدوام والثبات، ورهَنُ المال هو: حبسه بدين. والرهن في مصطلح الفقهاء هو: (الإتفاق على جعل مال وثيقة لضمان استيفاء الدين منه عند عجز المدين عن الوفاء، أو لضمان عين موجودة عند آخر، بغصب أو عارية أو نحوهما، عند امتناعه عن ردها أورد مثلها أو قيمتها عند تلفها)، فيخرج به كل ما يجعل ضماناً للوفاء بما لا يكون ديناً أو شبه دين، وذلك كأن يجعل رهناً على الثمن أو المبيع أو الأجرة أو غير ذلك من أموال الغير التي تنتقل إليه بسبب من الأسباب، خوف أن تكون مستحقة لغيره، فإن مثل ذلك لا يعتبر رهناً ولا تلحقه أحكامه، وسيأتي مزيد بيان لذلك. ثم إنه يقال للمدين: (راهن)، وللدائن: (مُرتهِن)، وللشيء المجعول وثيقة (مرهون)، أو: (رهن).
ثانيا : تعريف الرهن الرسمي و الرهن الحيازي...
الرهن الرسمي : حسب المادة 882 من ق م ج ، هو عقد يكسب به الدائن حقا عينيا على عقار لوفاء دينه ، يكون له بمقتضاه أن يتقدم على الدائنين التاليين له في المرتبة في أستيفاء حقه من ثمن ذلك العقار في أي يد كان .
الرهن الحيازي : حسب المادة 948 من ق م ج ، هو أن يقوم شخص (المدين) بتسليم شخص آخر (الدائن) شيئا منقولا أو عقارا يترتب عليه للدائن حقا يخوله حبس الشيء إلى أن يستوفي الدين .
مقارنة بينهما : يتفق الرهنان من حيث أن كل منهما حق عيني و حق تبعي و غير قابل للتجزئة و ناشئ بمقتضى عقد رسمي ، كما أن المادة 950 من ق م ج المتعلقة بالرهن الحيازي تنص على أنه تسري على الرهن الحيازي أحكام المواد 891 ، 893 ، 904 المتعلقة بالرهن الرسمي. و يختلفان من حيث موضوع الرهن ، فالحيازي يرد على العقارات كما يرد على المنقولات ، أما الرسمي فهو في الأصل لا يرد إلا على العقارات .أحكام المواد
ثالثا : تعريف رهن المحل التجاري...
هو تقديمه من طرف المدين التاجر للدائن المرتهن مانح الإئتمان كضمان له من أجل الحصول على ما يمكنه من استيفاء حقه بالأولوية والتتبع في حالة عدم قيام الدائن المرتهن إتخاذ الإجراءات الحجز التنفيذي لتليها إجراءات البيع العلني دون أن يتمكن الدائنون العاديون والدائنون الذين يتلونه في المرتبة من منافسته في ثمن البيع المحل التجاري .
و لقد نضم المشرع الجزائري هذا العقد في المواد من 118 إلى 150 من ق ت فالتاجر الراهن يحتفظ بحيازة المحل التجاري ويستمر في استغلاله كما يمكن أن يتصرف فيه دون أن يحرم ذلك الدائن المرتهن من كفالة حقوقه وضمان استيفائها.
الفرع الثاني : أهمية رهن المحل التجاري...
لا تخفى على احد أهمية رهن المحل التجاري بإعتباره ملكية تجارية ذات قيمة اقتصادية هامة،وذلك بما يحققه للتجار الراهنين من إئتمان وحصول على أجل للوفاء.
وإذا كان رهن المحل التجاري لا يشكل ضمانا قويا للدائن المرتهن كما هو الحال بالنسبة للرهن الرسمي الوارد على العقارات لكون المحل التجاري عند عجز المدين الراهن عن الوفاء بدينه للدائن المرتهن تكون مؤسسته في حالة عجز أو إفلاس كما أن الرهن من شأنه دفع التاجر إلى الاستغلال الأمثل لنشاطه خوفا من البيع الجبري لمحله التجاري .
والرهن يمكن التاجر من الحصول على الإتمان والدائن المرتهن من الحصول على الضمان دون أن يفقد التاجر حيازة محله التجاري فيبقى مستغلا له كما يمكن له التصرف فيه بيعا أو رهنا أو مقايضة أو تقديما له كحصة في شركة ما و تبقى للدائن المرتهن نفس الضمانات لأنه بواسطة الرهن اكتسب حقا عينيا تبعيا فيمارس عند حلول أجل الدين المضمون بهذا التأمين العيني حق التتبع،تحت يد الحائز مهما كانت طريقة حيازته للمحل التجاري،وبالأفضلية على غيره من الدائنين، مادام قائما ومقيدا في السجل التجاري،وبشرط أن يكون الدين المضمون قد إنقضى بطريقة من طرق الإنقضاء، لأن حق الرهن هو حق تبعي في وجوده وفي صحته وبطلانه وانقضائه للحق الشخصي.
المطلب الثاني : شروط إنعقاد رهن المحل التجاري...
الفرع الأول : الشروط الموضوعية لانعقاد رهن المحل التجاري...
1-الشرط الأول : خاص بالراهن
يجب أن يكون متمتعا بالأهلية القانونية وأن يكون الرهن من أجل سبب مشروع وأن تكون إرادة الراهن خالية من العيوب كما يجب أن يكون مالكا للعين المرهونة أو لأحد عناصره المرهونة.
2- الشرط الثاني: خاص بالعين المرهونة
يجب أن تكون العين المرهونة محلا تجاريا طبقا للمادة 119 من ق ت ولا يجوز أن يشمل رهن المحل التجاري إلا على العناصر المذكورة في هذه المادة وهي عنوان المحل و الإسم التجاري والحق في الإيجار والعملاء والشهرة التجارية والأثاث التجاري والمعدات والآلات التي تستعمل في استغلال المحل وبراءات الاختراع والرخص وعلامات الصنع او التجارة والرسوم و النماذج الصناعية وعلى وجه العموم حقوق الملكية الصناعية والأدبية او التقنية المرتبطة به.
إذا لم تعين بدقة عناصر المحل التجاري المرهون، فإن الفقرة 2 من المادة119 من ق ت تفترض أن الرهن لا يشمل إلا العنوان و الإسم التجاري والحق في الإيجار والعملاء والشهرة التجارية أي العناصر المعنوية فقط.
و يستبعد من الرهن البضائع لكونها معدة للتصرف والتداول و إجازة رهن البضائع يترتب عند عدم جواز التعامل فيها.
3- الشرط الثالث : الخاص بالدين المضمون
يتم الرهن بإعتباره تأمينا من أجل الحصول على الإئتمان أي ضمانا لدين أو إلتزام ويجب أن يكون هذا الإلتزام ممكنا ومشروعا ومعينا أو قابلا للتعيين كم يمكن أن يكون موجودا أو دينا مستقبليا.
الفرع الثاني : الشروط الشكلية لانعقاد رهن المحل التجاري...
1-الشرط الأول : الكتابة الرسمية
إن القانون الجزائري حرصا منه على حماية الأطراف المتعاقدة والغير إشترط في المادة 120 من القانون التجاري أن يفرغ أن يفرغ رهن المحل التجاري في عقد رسمي وهو ركن شكلي ومن النظام العام وتخلفه يترتب عنه بطلان الرهن كما هو الحال بالنسبة لبيع المحل التجاري.
2-الشرط الثاني : قيد رهن المحل التجاري في السجل التجاري
يجب أن يقيد رهن المحل التجاري في سجل عمومي ممسوك لدى مصالح السجل التجاري خلال 30 يوما من إبرام العقد الرسمي لرهن المحل التجاري ويعتبر هذا الشرط ركنا شكلي لصحة الرهن بدليل ترتيب المشرع البطلان في حالة تخلفه من خلال نص المادة 121من ق ت.
المبحث الثاني : الآثار المترتبة عن رهن المحل التجاري وكيفية إنقضائه...
المطلب الأول : الآثار القانونية المترتبة عن رهن المحل التجاري...
الفرع الأول : آثار الرهن بالنسبة للدائن المرتهن...
لا يختلف الرهن الحيازي عن الرهن الرسمي بإعتبارهما تأمينا عينيا للدائن المرتهن عن المحل التجاري حيث يترتب للدائن المرتهن الذي إحترم الشروط الموضوعية و الشكلية من ممارسة الحجز التنفيذي عند حلول أجل الدين المضمون بالرهن و عدم قيام المدين بالوفاء عملا بالأحكام المتعلقة بالإنذار و الحجز و لا سيما المادتين 126 و 127 من ق ت ، حيث يستوفي الدائن المرتهن حقه من ثمن بيع المحل التجاري بالمزاد العلني و بالأولوية على الدائنين العاديين و الدائنين المرتهنين التالين له في المرتبة ، و لا يقدم عليه سوى أصحاب حقوق الإمتياز العامة كالخزينة العمومية و المصاريف القضائية و كذلك حقوق الإمتياز الخاصة الموجودة قبل الرهن . كما يحق للدائن المرتهن أن يمارس نفس إجراء التنفيذ على المحل التجاري بالبيع الجبري تحت أي يد يكون المحل التجاري. و يحتج بهذا الرهن الدائن المرتهن في مواجهة كل حائز سواء كان من الخلف الخاص أو العام ، و هذا ما يسمى بحق التتبع. و في هذا كله ضمان للدائن المرتهن ، و توفير ميكانيزم فعال للتاجر من أجل الحصول على إئتمان.
و قد يوجد عدة دائنين لصاحب المحل التجاري فيجري ترتيبهم حسب تاريخ القيد ، فيكون للدائنين المرتهنين المقيدين في يوم واحد ، رتبة واحدة متساوية ، ويستمر هذا الإمتياز لمدة 10 سنوات من تاريخ تسجيله و يشطب بمجرد إنتهاء هذه المدة تلقائيا إذا لم يتم تجديده قبل إنقضائه ، مادة 103 من ق ت. أما إمتياز المعدات و التجهيزات يحتفظ به لمدة 5 سنوات قابلة للتجديد مرتين ، مادة 161 من ق ت. و في حالة عدم الوفاء يقوم رئيس المحكمة بإصدار أمر بيع المحل التجاري بالمزاد العلني حسب المواد 125 ، 126 ، 124 من ق ت. أما بالنسبة لحقوق الدائنين العاديين الذين لم يتم الوفاء فيهم فقد نظم المشرع الجزائري هذه المسألة في البيع عن طريق الرهن بالمزايدة بالعشر ، حسب المواد 131 ، 132 ، 133 من ق ت.
الفرع الثاني : آثار الرهن بالنسبة للمدين الراهن...
طبقا لنص المادة 118 من ق ت فإنه لا يترتب على رهن المحل التجاري أن تنتقل حيازتة إلى الدائن المرتهن، بل يظل المحل التجاري في حيازة المدين الراهن حتى يتمكن من الإستمرار في إستغلاله و إستثماره ، فلا يتخلى عنه للدائن المرتهن و لا لغيره و لا يجوز للدائن المرتهن أن يتدخل أو يشرف على الإستمرار إلا إذا تضمن الإتفاق نصا يخول له ذلك.
كذلك يستطيع المدين الراهن أن يتصرف في المحل بالبيع أو بترتيب رهون أخرى ، و لا يضار الدائن من ذلك لأن حقه مضمون بحق التقدم و حق التتبع.
و في مقابل ذلك يلتزم المدين الراهن بالمحافظة على الأموال المرهونة ، بحيث تفرض عليه عقوبات جنائية (مادة 376 من ق ع ج) في حالة إقدامه على إتلافها حسب المادة 167/1 من ق ت ، و هذه العقوبات هي مفروضة كذلك على كل من يقوم بأي محاولة غش تهدف إلى حرمان الدائن من حقه في الإمتياز الذي له على الأموال المثقلة بالدين إلى إنقاصه حسب المادة 167/2 من ق ت ، كما يلتزم المدين الراهن بعدم نقل موقع المحل إلى مكان آخر إلا بموافقة الدائن المرتهن على هذا التحويل و إلا أصبح الدين مستحق الأدء فوراً.
المطلب الثاني: إنقضاء رهن المحل التجاري...
الفرع الأول : بصفة تبعية...
الرهن يتبع الدين الأصلي في نشأته و إنقضائه و لكي ينقضي يجب أن ينقضي الدين كله ، أما إذا إنقضى الدين جزئيا بالرهن فيبقى الرهن عملا بمبدأ عدم تجزئة الرهن و من أسباب إنقضاء الدين : الوفاء بالدين الأصلي ، المقاصة ، التجديد ، إتحاد الأزمة ، التقادم ، الوفاء ...إلخ...
الفرع الثاني : بصفة أصليه...
يقصد به إنقضاء الرهن مع بقاء الدين قائما في ذمة المدين و هنا من أسباب إنقضاء الرهن : تطهير الحائز للعقار المرهون (مادة 934 من ق م) ، البيع بالمزاد العلني (مادة 936 من ق م) ، تنازل المرتهن عن الرهن، هلاك المرهون بحيث يجب أن يهلك المرهون كليا لإنقضاء الرهن عملا بمبدأ عدم تجزئة الرهن مع بقاء الدين قائما.
الخاتمة :
من خلال ما سبق ذكره نرى أن لرهن المحل التجاري أهمية بالغة و ذلك بإعتباره ضمانا و إئتمانا في نفس الوقت ، فهو ضمان بالنسبة للدائن المرتهن و إئتمان بالنسبة للمدين الراهن. فهو عقد يكسب به الدائن حقا عينيا على عقار أو منقول لوفاء دينه ، يكون له بمقتضاه أن يتقدم على الدائنين التالين له في المرتبة في إستيفاء حقه من ثمن ذلك العقار في أي يد كان. و لكي ينشأ عقد الرهن صحيحا كان لابد من توافر شروط شكلية و موضوعية. كما تعرضنا في هذا البحث إلى آثار الرهن بالنسبة للدائن المرتهن و المدين الراهن لننتهي إلى كيفية إنقضائه تبعيا و أصليا.
و ختاما نتمنى أن نكون قد وفقنا في إعطاء فكرة و لو بسيطة عن موضوع رهن المحل التجاري.
المراجع:
* القانون التجاري .
* أستاذ . علي بن غانم ، الوجيز في القانون التجاري و قانون الأعمال ، الجزء الأول ، جامعة الجزائر .
* أستاذ . علي الفيلالي ، الشكلية في العقود ، العدد 03 ، سنة 1998 .
* أستاذ . أحمد محرز ، القانون التجاري الجزائري ، نظرية الأعمال التجارية ، صفة التاجر ، الدفاتر التجارية ، المحل التجاري ، الجزء الأول .
* أستاذ . محمدي سليمان ، الرهن الرسمي ، جامعة الجزائر ، سنة 2000/2001 .
* دكتور . عبد الرزاق السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني ، الجزء الأول .