تعريف الدولة و أركانها
لقد تعددت الأراء الفقهية حول تعريف الدولة نذكر منها :
1- الدولة مجموعة من الأفراد يمارسون نشاطهم على إقليم جغرافي محدد و يخضعون لتنظيم معيّن.
2- الدولة ظاهرة سياسية و قانونية تعني جماعة من الناس يقطنون رقعة جغرافية معينة بصفة دائمة و مستقرة و يخضعون لتنظيم معيّن.
3- الدولة الشخص المعنوي الذي يرمز إلى شعب مستقر على إقليم معيّن حكاما و محكومين بحيث يكون لهذا الشخص المعنوي سلطة سياسية ذات سيادة.
و إذا كان من الممكن رد ظاهرة الدولة المعاصرة إلى أواخر القرن 15 حيث تكونت الممالك الحديثة في أوروبا بعد زوال عصر الإقطاع الذي ساد القرون الوسطى، إلاّ أن هذه لم تكن الصورة الوحيدة لنظام الدولة فقد عرف الإنسان القديم نظام الدولة في إطار نظام المدن السياسية في روما و أثينا و إسبرطا و في الحضارة الفرعونية و بابل و آشور و الهند و الصين القديمة.
غير أن الكثيرين ينكرون على تلك الإمبراطوريات صفة الدولة و هذا بسبب إرتكاز النظام فيها على قاعدة النظام الفردي بحيث تتركز السلطة في يد زعيم أو قائد هو مصدر الإلزام إذ يستمد سلطته من الوحي الإلهي أو القوة، و يفرض على الناس منطق المصلحة العامة للمدينة بما لا يكون أمامهم إلاّ الطاعة و الخضوع و هذا بإستثناء المدن السياسية القديمة عند الإغريق و الرومان و كذلك الدولة التي نشأت في بداية الرسالة المحمدية فقد كانت لها نفس الخصائص و السمات الإجتماعية و القانونية التي هي للدولة الحديثة، و رغم ذلك فقد إنهارت فكرة الدولة في أوروبا بسقوط الإمبراطورية الرومانية الغربية بعد غزو القبائل الجرمانية لها، و أدت إلى نشوء نظام الإقطاع، و لم تعرف العصور الوسطى فكرة إسناد السلطة السياسية إلى شخص مجرّد مستقل عن أشخاص الحاكم بل كان الفرد يعد تابعا للسيّد الإقطاعي تبعية شخصية، و الذي يميّز نظام الدولة المعاصرة عن سابقتها في العصور القديمة و الوسطى أنها منظمة قانونية أما سوابقها في التاريخ فلم تكن كذلك إذ لم يكن الإنسان قد تصور بعد فكرة الدستور في مفهومها القانوني الملزم المعروف حاليا و كان ذلك أمرا طبيعيا في ظل نظم سياسية تقوم على فكرة الزعامة و إختلاط الدولة بشخص الحاكم فهي بعض حقوقه و إمتيازاته الخاصة تسنده فيها القوة المادية و عمق تأثير العقائد و التقاليد.
فحين ظهرت التفرقة بين صاحب السلطة و من يمارسها و قام الفصل بين الحاكم و سلطة الحكم و هو ما يسميه بعض الفقهاء بتأسيس السلطة أي قيام الدولة صاحبة للسلطة السياسية و أن الحاكم أصبح مجرد أداة في يد الدولة تمارس من خلاله سلطتها، قامت حينئذ الدولة المعاصرة حسب التعاريف المقدمة آنفا.
التفرقة بين المجتمع و الدولة
إنطلاقا من فكرة أن الإنسان إجتماعي بطبعه أي أنه لا يستطيع العيش منفردا، فإن المقصود بالمجتمع الإنساني هو جماعة من الناس يعيشون معا في منطقة معينة يجمع بينهم شعور واحد و روابط مختلفة بحيث ينظرون إلى أنفسهم ككيان متميّز، و يتضمن المجتمع جميع النظم الإجتماعية الأساسية و الضرورية لإشباع الحاجات البشرية الأساسية بينما الدولة هي جماعة منظمة تنظيما سياسيا.
إن الدولة ليست بالضرورة متوحدة مع المجتمع سواء من حيث مجال النشاط فالمجتمع يقوم على الإرادة الطيبة و التعاون بينما الدولة تقوم على القوّة. أو من حيث الإتساع فقد يكون المجتمع أوسع أو أضيق من الدولة فقد تستعمل عبارة المجتمع للدلالة على المجتمع القروي أو الإسلامي ...
فالدولة بناء غير مماثل للمجتمع أو متساوي معه في الإمتداد لكنه مشيّد داخله كنظام محدد لبلوغ أهداف معينة، و أن المجتمع متماسك مع بعضه بواسطة الدولة.
و يمكن أن نبيّن أوجه الإختلاف بينهما كالآتي :
1- من حيث الغرض أو الوظيفة :
الدولة تعد إجتماعا قانونيا يعمل لتحقيق الغرض القانوني "فرض النظام" داخل المجتمع، بينما يعمل المجتمع على تحقيق العديد من الأغراض غير القانونية و هذه الأهداف متعددة، فكرية، أخلاقية، دينية، إقتصادية و إجتماعية ... فالدولة تحقق هدفا واحدا كبيرا بينما المجتمع يحقق أهدافا كثيرة بعضها كبير و بعضها صغير.
2- من حيث التنظيم :
الدولة منظمة قانونية واحدة بينما المجتمع يشمل تنظيمات متعددة بعدد الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها و بالتالي يمكن القول أن المجتمع السياسي الذي تحققه الدولة هو أحد أهداف الجماعة فالمجتمع سابق عن الدولة.
3- من حيث المنهج :
الدولة تستخدم منهج القوة و الإجبار أما المجتمع فيستخدم العمل الإختياري أي منهج الإقناع لأن ذلك يتوافق مع طبيعته.
المجتمع المدني
هو مجتمع المدن و مؤسساته هي التي ينشئها الأفراد لتنظيم حياتهم الإجتماعية و الإقتصادية و الثقافية فهي مؤسسات إرادية يقيمها الناس و ينسحبون منها بكل حرية على عكس مؤسسات المجتمع البدوي القروي هي مؤسسات طبيعية يولد الفرد منتميا و مندمجا فيها لا يستطيع الإنسحاب منها كالقبيلة، العشيرة... أي هو نمط من التنظيم الإجتماعي و السياسي و الثقافي ... خارج كثيرا أو قليلا عن سلطة الدولة و تمثل هذه التنظيمات وسائل تعبير و معارضة بالنسبة للمجتمع إتجاه سلطة الدولة.
من خلال التعاريف المقدمة آنفا نستنتج بأن للدولة أركان ثلاثة هي :
-Iمجموعة من الناس : الشعب
بديهيا أن الدولة لا يمكن أن تقوم بغير جماعة بشرية تعيش على وجه الدوام في حدود إقليم معيّن، و إذا كان وجود الشعب يمثل المحور الأساسي لقيام الدولة فإنه لا يشترط أن يبلغ عدده رقما معينا و ثابتا فعدده يختلف من دولة لأخرى فقد يقل إلى بضعة آلاف و قد يصل إلى مئات الملايين.
من الناحية القانونية كل الدول تتمتع بنفس الخصائص إلاّ أنه من الناحية السياسية و الإقتصادية تعتبر كثافة السكان عاملا هاما في إزدياد قوة الدولة و نفوذها.
و يرى الفقه أن وجود الشعب يعد ظاهرة طبيعية و سياسية، فالظاهرة السياسية تتمثل في أن أفراد الشعب يقطنون حتما أرضا معينة أما الظاهرة السياسية فتتمثل في خضوع هؤلاء الأفراد لنظام سياسي معين و تجدر الإشارة إلى أن هذه الجماعة البشرية المكونة للشعب لا يشترط فيها أن تكون متجانسة أو غير متجانسة من الناحية الإجتماعية : اللغة، الدين ...
التمييز بين المدلول السياسي و المدلول الإجتماعي للشعب :
المدلول الإجتماعي لكلمة الشعب هو مجموع الأفراد المقيمين على إقليم الدولة و المتمتعين بجنسيتها سواء كانوا رجالا أو نساء كبارا أو صغار عقلاء أو مجانين و كذلك المتمتعين بالحقوق السياسية منهم و المحرومين منها و يطلق على هؤلاء مواطني الدولة أو رعاياها.
أما المدلول السياسي للشعب، فيقصد به مجموع الأفراد المتمتعين بالحقوق السياسية و بذلك يخرج من مدلول الشعب السياسي الأطفال و المحرومين من الحقوق السياسية سواء لأسباب تتعلق بالناحية العقلية أو لأسباب أدبية كمرتكبي الجرائم المخلة بالشرف.
و بذلك يتضح أن المدلول السياسي للشعب أضيق من المدلول الإجتماعي.
التفرقة بين الشعب و سكان الدولة :
إذا كان الشعب بمفهوميه الإجتماعي و السياسي يعني مجموع الأفراد المرتبطين بجنسية الدولة فإن المقصود بسكان الدولة هو مجموع الأفراد المقيمين على إقليمها سواء كانوا من شعبها أو من الأجانب الذين لا تربطهم بالدولة رابطة الولاء حيث لا يتمتعون بجنسيتها و إنما تربطهم بها رابطة الإقامة أو التوطن.
التفرقة بين الشعب و الأمة :
سبق لنا أن عرّفنا إصطلاح الشعب في الفقرة السابقة، أما الأمة فهي ظاهرة إجتماعية مفادها وجود جماعة من الناس يستقرون على أرض معينة و يرتبطون بها معنويا، و تستند على مقومات مشتركة من أصل، الدين، اللغة، التاريخ، العادات، الذكرايات، الآمال المشتركة ... التي تولد الرغبة لدى الأفراد في العيش معا.
ما يميّز الأمة عن الشعب هو الظاهرة الإجتماعية و التي تكمن في وجود المصالح و الروابط بين أفراد الجماعة غير أنه لا يشترط لقيام الأمة توافر الظاهرة السياسية أي الخضوع لسلطة سياسية فقد تقوم الأمة دون أن ينشأ عنها دولة مثل الأمة العربية و قد تنشأ دولة تضم شعبا يتكوّن من عدة أمم مثل الإتحاد السوفياتي سابقا الذي كان شعبه يتكوّن من عدة أمم و قد تنشأ دولة يكون شعبها مكونا لأمة في نفس الوقت مثل الإيطالي، الألماني، الفرنسي ... الذي هو شعب و أمة في نفس الوقت.
و قد تباينت الآراء الفقهية حول العوامل المكونة للأمة إلاّ أن أغلبها يتمحور حول النظريات الآتية :
النظرية الموضوعية : التي يأخذ بها الفقهاء الألمان و تركز على عوامل الأصل اللغة و الدين.
النظرية الشخصية : يأخذ بها الفقه الفرنسي و مضمونها أن الأمة تجد أساسها في الحس التضامني الذي يوحد إرادة الأفراد في العيش معا أي أنها تركز على العامل النفسي و الإرادي.
النظرية المادية : يأخذ بها الفقه الماركسي و هي تستند على النواحي الإقتصادية و الإجتماعية فوفقا لهذه النظرية وحدة المصالح الإقتصادية هي التي تقرر باقي العلاقات بين الأفراد و تصهرهم في نظام إجتماعي موحد.
النقد الموجه لهذه النظريات : أنها تركز على جوانب معينة من مكونات الأمة و تهمل الجوانب الأخرى و السبب في ذلك أن هذه النظريات هي وليدة ظروف و بيئة سياسية معينة القصد منها خدمة الأهداف السياسية للتجمعات التي وجدت فيها و بالتالي لا يمكن تعميمها لتشمل مفهوم الأمة بصفة مطلقة.
و خلاصة القول أن تكوين الأمة تشترك فيه مجموعة كثيرة من العوامل : الأصل، اللغة، الدين، العادات و التقاليد، التاريخ، المصير المشترك و الرغبة في العيش معا.
تم توظيف كلمة أمة في القرآن الكريم في 44 آية و بمعان مختلفة.
مفهوم الأمة الإسلامية :
البعض يطلق تسمية الأمة الإسلامية إنطلاقا من الآية : <<وَ جَعلنَاكم أمة وسطا>> هذا المصطلح من الناحية الدينية لكن من الناحية السياسية لا يعبر عن الحقيقة فهناك أمم متعددة تضمها الأمة الإسلامية بالمفهوم الديني.
II- الإقليم
لقيام الدولة لابد من وجود رقعة من الأرض يقيم عليها أفراد الشعب على وجه الدوام و الإستقرار و من ثمة فإن القبائل الرحل لا يمكن أن تشكل دولة لعدم إستقرارها في رقعة معينة. و الإقليم هو النطاق الجغرافي الذي تباشر فيه الدولة سلطتها حيث لا يمكن لسلطتين مستقلتين تتمتع كل منهما بالسيادة أن تجتمع معا إقليم واحد.
و إقليم الدولة يشمل على ما يلي :
* الإقليم الأرضي : يتحدد بحدود طبيعية مثل الجبال أو البحار أو بحدود إصطناعية مثل الأملاك الشائكة أو الأسوار أو أي علامات يستدل بها على نهاية الإقليم و يمكن أن يكتفى بخطوط الطول و العرض لتعيين الحد الفاصل بين دولة و أخرى.
* الإقليم البحري : يشمل الجزء الساحلي من مياه البحر العامة المجاورة لشواطئ الدولة و كذلك المياه الداخلية في حدودها من البحيرات و الأنهار الداخلية و قد ثار جدل فقهي حول تحديد نطاق البحر الإقليمي حسم هذا النقاش في إطار إتفاقية قانون البحار 1982 بمسافة 12 ميل بحري.
* الإقليم الجوي : يشمل الفضاء الذي يعلو كل من الإقليم الأرضي و البحري و لا بد من التفرقة بين طبقتين من الجو، طبقة الغلاف الهوائي المحيط بالأرض حتى إرتفاع حوالي 1000 كلم فهذه الطبقة تخضع تخضع لسيادة الدولة بالكامل. و لهذا نصت إتفاقية شيكاغو في المادة 1-1944 : <تقر الدول المتعاقدة بأن لكل منها السيادة على الفضاء الجوي الذي يعلو إقليمها>، و فيه تتمتع الطائرات المدنية (دون حربية) يحق الهبوط لأسباب تقنية و يمكن للدولة أن تغلق أجوائها في وجه الطائرات الأجنبية كما يحق لها تحديد ممرات جوية معينة للدخول إلى إقليمها.
و طبقة الفضاء الجوي، و تمتد إلى ما لا نهاية و هي غير خاضعة لسيادة دولة ما وفقا لقرارات الأمم المتحدة الصادرة سنة 1963-1966 بشأن إكتشاف الفضاء حيث أصبحت ملكية مشتركة للبشرية.
طبيعة حق الدولة على إقليمها
إختلف الفقه في تكييف الدولة على إقليمها فذهب رأي على أنه حق سيادة غير أن هذا الرأي منتقد على أساس أن السيادة تمارس على الأشخاص و ليس على الأشياء بينما ذهب في إتجاه آخر إلى تكييف ذلك الحق بأنه حق ملكية لكن هذا الرأي منتقد هو الآخر إذ يتعارض مع حق الملكية الفردية للعقارات. و الرأي الحديث يعتبر الإقليم بمثابة المنطقة الجغرافية التي يحق للدولة أن تستعمل سلطتها داخلها على الأفراد دون غيرها بعبارة أخرى أنه المجال الذي تتحدد فيه سلطات الدولة.
III- السلطة السياسية
تعتبر السلطة السياسية من أهم العناصر في تكوين الدولة حتى أن البعض يعرّف الدولة بالسلطة و يقول بأنها تنظيم لسلطة القهر أو الإجبار.
و يمكن تعريف السلطة السياسية بأنها قدرة التصرف الحر التي تباشر بحكم سموها حكم الناس عن طريق خلق النظام و القانون بصفة مستمرة، و تتولى السلطة السياسية أداء وظائف الدولة الداخلية و الخارجية و تكون مسؤولة أمام الجماعات الأخرى عن كافة الشؤون التي تتعلق بالإقليم و الشعب.
و لعل الطابع الرئيسي الذي يميّز الدولة الحديثة عن الوحدات السياسية التي كانت موجودة في السابق هو تجميع السلطات في يد حكومة واحدة تملك من الوسائل المادية و القانونية ما يمكنها من السيطرة التامة على الإقليم دون منازعة من أية سلطة أخرى.
أصل نشأة السلطة
الجماعة البشرية نشأت بقصد تحقيق هدف معيّن مادي و معنوي و هذا الهدف هو الذي يحدد أنماط السلوك و نمط حياة الأفراد داخل الجماعة و إذا كان الهدف في الجماعات البدائية الأولى كالأسر و القبائل لا يتجاوز الرغبة في حفظ النوع و الدفاع ضد الإعتداءات الأخرى فإنه حيث تقدّم الزمن بالجماعات البشرية بدأت تتولد بينهم علاقات قرابة جديدة لا تنبع من وحدة السلالة أو الدم فحسب و لكنها تنبع من وحدة أسلوب الحياة و من وحدة المصالح المرتبطة بوحدة الأرض و من تشابك الهدف الإجتماعي و إمتداده ليربط بين أفراد المجتمع في أجياله المتعاقبة و بذلك يتكوّن تدريجيا ضمير جماعي يحتوي الضمائر الفردية في المجتمع و يحملها على الرضا بالنظام الجماعي.
و ينمو الضمير الجماعي و بهدف صيانته ضد النزعات الفردية تظهر السلطة العامة لتسهر على المصلحة الجماعية و تطورها و لتلزم السلوكات الفردية بما يحقق الأمن و السلام الجماعيين.
خصائص السلطة السياسية
1- السلطة السياسية ظاهرة إجتماعية لإرتباطها بالجماعة البشرية إذ لا يستقيم النظام الجماعي و لا يستقر دون وجود هذه السلطة و تقوم ظاهرة السلطة على أساس الإحساس بالحاجة إليها و هذا الإحساس بضرورة الحياة الجماعية و المحافظة عليها.
2- السلطة السياسية ظاهرة نفسية تقوم على الرضا، فالسلطة السياسية إذ تجد سندها الإجتماعي في كونها تسعى لتحقيق الهدف الجماعي و صيانته و تطويره و تعمل على تحقيق آمال الأفراد و أهدافهم و لهذا فإن السلطة العامة و إن أخذت في الحياة الواقعية شكل القوة المادية فإنها قبل كل شيء تعتمد في وجودها و في شرعية تصرفاتها على مدى إرتباطها بالضمير الجماعي و صدق تعبيرها عنه و من ثم فهي تستقر في الأساس على رضا المحكومين بها و قبولهم لها.
و لذلك قيل إن السلطة لا تنشئ الخضوع و لكن الهدف الإجتماعي الذي تمثله السلطة هو الذي يدعم هذا الخضوع و يؤكده، و تأسيسا على ذلك إستقر الفكر السياسي الحديث على أن كل زمن تعيشه السلطة في أمن و بدون معارضة قوية من أحد يمثل قرينة نسبية لأن الناس قد تقبل السلطة السياسية بالعادة أو بالكسل عن البحث عن سلطة أخرى أو بالخوف من مقاومتها خشية التعرّض لبطشها و إنتقامها أيا كان الأمر فلابد من الملاحظة التالية :
- السلطة السياسية كثيرا ما تعتمد في الدولة المعاصرة على أسباب مختلفة بعضها للضغط و بعضها للإقناع حتى تحمل الأفراد الخاضعين لها على الرضا بها و تقبلها.
و مظاهر التخويف و الضغط ما تعتمده الدولة دائما من قوة عسكرية و شرطة بوليسية لحماية وجودها و أمنها و لفرض سيطرتها بالقوة المادية عند الإقتضاء "بالضرورة".
و تلعب السجون و المعتقلات و غيرها من وسائل العقاب دورا كبيرا في هذا المجال "إن رجل النيابة و القاضي يحملان رمز القوة المادية الضاغطة باسم القانون و مصلحة المجتمع على حريات الأفراد و أموالهم غير أنه يلاحظ أن سيادة القانون لا تزال تغلب على قوة الدولة المادية و ترسم من إجراءات التحقيق و الإثبات و حياد القاضي ما يهذبها و ينزع عنها مظنّة الإستبداد المادي و بجانب وسائل القهر المختلفة تلعب الدعاية دورا رئيسيا في الدول المعاصرة في محاولة لخلق الرضا بالسلطة عن طريق محاولة إقناع الشعب بأن السلطة القائمة هي أحسن سلطة يمكن أن تعبر عن أمالهم".
السلطة و الحرية :
إن السلطة و هي تكفل الوجود الجماعي و تحميه فإنها لا تعارض فكرة الحرية الفردية و لا تقضي عليها فهي تعمل على خلق نوع من التنسيق بين حريات هؤلاء الأفراد و مجالات الصالح العام المشتركة بينهم و هذا التنسيق هو أمر نسبي يتغيّر بتغيّر الزمان و المكان كما يتحدد في ضوء فلسفة الدولة الشاملة و نظرتها إلى ما يجب أن يكون عليه تركيبها الإجتماعي و الإقتصادي "الرأسمالية و الإشتراكية".
السلطة كظاهرة قانونية :
المصلحة العامة التي تتجمع حولها الحياة الجماعية و تحدد أهداف الأفراد و أمالهم المستقبلية لا تتحقق تلقائيا فهي تتطلب من الأفراد أن يسلكوا فيما بينهم أنماطا معينة من السلوك لا تهدد هذه المصلحة العامة و لا تمنع دون تطورها و ليست قواعد هذا السلوك في النهاية غير القانون و من ثم تأكد أن القانون ظاهرة إجتماعية يرتبط وجوده بوجود الجماعة ينشأ معها و يتطور بتطورها و هو في نشأته و تطوره يأخذ صورة الجماعة لأنها هي التي توجبه و تفرضه صيانة للأمن و السلام الجماعيين غير أن القانون يبقى في حاجة إلى قوة عاملة تتولى في شأنه مهمتين :
1- تقوم على إستنباط فكرة القانون التي تعيش في ضمير الأفراد و تضعها موضع التنفيذ فتحدد الفكرة و تبلورها في الواقع من خلال ما تضعه من قواعد سلوك محددة و معلنة رسميا للناس.
2- تسهر على تنفيذ هذه القواعد السلوكية و حمايتها ضد كل محاولة للخروج عليها من جانب الأفراد مستخدمة في ذلك قوتها المادية عند الإقتضاء.
و من هنا يقوم التلازم بين فكرة السلطة و فكرة القانون، فالسلطة طالما بقيت أمينة لفكرة القانون التي تعيش في ضمير الأفراد فإنها تجد سندها النفسي لدى الأفراد دون صعوبة و لكنها تبدأ تتعرض لإحتمالات عدم الرضا بها حين يتعارض سلوكها مع ما توجبه فكرة القانون من أحكام.
الفصل الثاني : خصائص الدولة
خصائص الدولة
تتمثل خصائص الدولة في السيادة و الشخصية المعنوية أو القانونية :
I – السيادة
تعريف السيادة : يمكن تعريف السيادة بأنها سلطة سياسية آمرة، نابعة من ذات الدولة، و قادرة على تنظيم نفسها، و على فرض توجيهاتها، دون أن تكون خاضعة داخليا أو خارجيا لغيرها، فهي في الداخل أعلى السلطات التي تملك أمر الحكم فيما ينشأ بين الأفراد و الوحدات الداخلية من خلافات، و هي كذلك لا تخضع ماديا و لا معنويا لسلطة أخرى مهما كان نوعها.
و تقوم سيادة الدولة على عدة خصائص :
- سيادة شاملة : يقصد بها لأنها تنطبق على جميع سكان الدولة باستثناء المتمتعين بالإمتيازات أو الحصانة الديبلوماسية.
- سيادة دائمة : أنها تتعدى في أعمار القائمين عليها و النظام الدستوري الذي تعمل في إطاره.
- سيادة لا تقبل التجزئة : و معنى ذلك أنه في الدولة الواحدة سواء كانت دولة موحدة أو مركبة و سواء كانت تأخذ بالنظام المركزي أو اللامركزي فإنها في كل الحالات ذات سيادة واحدة.
- سيادة مطلقة : أي أن الدولة داخل حدودها تمثل أعلى سلطة عامة لا مكان لسلطة أخرى منافسة لها و أنها خارج حدودها لا تخضع لسلطة أعلى منها.
مظاهر السيادة :
- السيادة الإيجابية و السيادة السلبية :
السيادة السلبية يقصد بها عدم خضوع سلطة الدولة لأي جهة أخرى مهما كان نوعها، أما المفهوم الإيجابي للسيادة فهو الذي يبرر سلطة الدولة بكل ما تقوم به من حق الأمر و النهي و الزجر في الداخل و تمثيل الدولة و ترتيب حقوق و إلتزامات لها و عليها في الخارج.
- السيادة الداخلية و السيادة الخارجية :
يقصد بالسيادة الداخلية حق الأمر في مواجهة كل سكان الدولة أما السيادة الخارجية فيقصد بها عدم خضوع الدولة لسلطة أجنبية فيما عدا ما تلتزم به في مجال علاقاتها مع الدول الأخرى طبقا لقواعد القانون الدولي و يعبّر عن السيادة الخارجية بمصطلح الإستقلال.
- السيادة الشخصية و السيادة الإقليمية :
في السابق كانت السيادة حق شخصي للملك و لهذا فإن قوانين الدولة كانت تطبّق على مواطنيها و لو كانوا مقيمين خارج إقليمها و هو ما يعبّر عنه بالسيادة الشخصية و قد هجرت هذه النظرية و حاليا يأخذ بمفهوم السيادة الإقليمية أي أن سلطة الدولة يتحدد مجالها في نطاق حدود إقليم الدولة.
من هو صاحب السيادة ؟
المقصود بهذا التساؤل هو تحديد صاحب السلطة السياسية ذات السيادة، لا شك أن الدولة هي صاحبة السلطة السياسية العليا و هذه السلطة تكون مجردة و مستقلة في وجودها عن الأشخاص الممارسين لها و هم طبقة الحكام في الدولة فهم مجرد أداة في يد الدولة تمارس من خلالهم مظاهر سلطتها.
و إذا كانت الدولة شخصا معنويا مجردا فإن السلطة فيها لابد أن تنسب إلى صاحب محدد يمارسها بصورة فعلية فمن هو الصاحب الفعلي لهذه السلطة السياسية ذات السيادة ؟
في هذا الصدد قيلت نظريتان هما :
1- نظرية سيادة الأمة : مضمون هذه النظرية أن السيادة تكون للأمة بإعتبارها وحدة مجردة مستقلة عن سائر الأفراد المكونين لها، فالسيادة لا تكون لفرد من الأفراد أو جماعة من الجماعات و إنما تنسب إلى الشخص الجماعي الذي يشمل مجموع الأفراد و هذا الشخص هو ما يعبر عنه بكلمة الأمة.
النتائج المترتبة :
* السيادة تمثل وحدة واحدة غير قابلة للتجزئة فما دام أن الأمة هي شخص واحد فإن السيادة تكون كذلك واحدة غير مجزئة و يترتب عن ذلك الأخذ بمبدأ "الديمقراطية النيابية" أو "الديمقراطية غير المباشرة".
* الإنتخاب يعتبر وظيفة و ليس حقا من الحقوق السياسية و هذا ما يتوافق مع الأخذ بمبدأ "الإقتراع المقيد".
* النائب في البرلمان يعتبر ممثلا للأمة بأسرها و ليس ممثلا لناخبي دائرته.
* القانون يكون تعبيرا عن إرادة الأمة.
الأمة تشمل الأجيال الماضية، الحالية و المستقبلية.
الإنتقادات الموجه لهذه النظرية :
* كان لهذه النظرية فائدة في الحد من سلطات الملوك لكنها حاليا أصبحت عديمة الجدوى.
* تؤدي هذه النظرية إلى الإعتراف بالشخصية القانونية للأمة و هذا غير مقبول من الناحية القانونية.
* أنها تؤدي إلى الإستبداد مادام أن القانون هو تعبير عن إرادة الأمة و ليس تعبيرا عن إرادة الأغلبية.
2- نظرية سيادة الشعب :
مضمون هذه النظرية أن السيادة تنسب إلى الشعب بإعتباره مكوّن من مجموعة من الأفراد و من ثم تكون السيادة حق لكل فرد من أفراد الشعب أي أنها تكون مجزئة على أفراد الشعب بالمفهوم السياسي.
النتائج المترتبة عن نظرية سيادة الشعب :
يترتب عنها عدة نتائج هي :
* السيادة تكون مجزأة بين الأفراد و بالتالي يكون لكل فرد حقا ذاتيا في مباشرة السلطة و هذا ما يتماشى مع نظام الديمقراطية المباشرة و شبه المباشرة.
* الإنتخاب يعتبر حقا و ليس وظيفة و هذا المبدأ يتماشى مع نظام "الإقتراع العام".
* النائب في البرلمان يعتبر ممثلا لدائرته الإنتخابية و من ثم يمكن للناخبين إعطاء تعليمات ملزمة للنائب كما أنه يكون مسؤولا أمامهم عن تنفيذ وكالته و يلتزم بأن يقدم لهم حسابا عنها كما يحق للناخبين عزل النائب من وكالته في أي وقت.
* القانون يكون تعبيرا عن إرادة الأغلبية الممثلة في هيئة الناخبين و من ثم يتعيّن على الأقلية الإذعان لرأي الأغلبية دون إعتبار ما إذا كانت هذه الإرادة أكيدة و دائمة أم لا.
النقد الموجه لهذه النظرية :
إذا كان الإتجاه الحديث في الدساتير قد اتجه إلى الأخذ بمبدأ سيادة الشعب لكونه أكثر تحقيقا للديمقراطية إلا أنه هناك إنتقادات وجهت لهذه النظرية :
* يترتب عن الأخذ بمبدأ سيادة الشعب تبعية النواب لجمهور ناخبيهم و هذا ما قد يؤدي إلى تحقيق المصلحة الخاصة على حساب المصلحة العامة.
* هذه النظرية تقول بتجزئة السيادة على أفراد الشعب و هذا يؤدي إلى وجود سيادتين سيادة مجزأة بين الأفراد و سيادة الدولة بإعتبارها شخص معنوي.
و على العموم فإن معظم الدساتير حاولت التوفيق بين النظرتين و ذلك بالأخذ بمبادئ من كليهما كالأخذ بالإقتراع العام و إلغاء الوكالة الإلزامية و إعتبار النائب ممثلا للأمة أو للشعب.
II- الشخصية المعنوية : القانونية
* تعريف الشخصية المعنوية :
هي جماعة من الأشخاص يضمهم تكوين يسعى إلى تحقيق هدف معين أو مجموعة من الأموال ترصد لتحقيق غرض معين يمنحها القانون صفة الشخصية فتكون شخصا مستقلا و متميزا عن الأشخاص الذين يساهمون في نشاطها أو يستفيدون منها كالدولة، الولاية، و الشركات ... تمييزا لها عن الأشخاص الآدميين و البعض عرّفها بأنها تشخيص قانوني للأمة.
و الإعتراف للدولة بالشخصية القانونية يعني أنها وحدة قانونية مستقلة و متميزة عن الحكام و المحكومين لها طابع الدوام و الإستقرار لا تزول بزوال الحكام و سلطة الدولة و تقوم على أساس تحقيق مصالح الجماعة.
* النتائج المترتبة على شخصية الدولة :
1- الأهلية القانونية للدولة : مادام أن الدولة كائن قانوني قائم بذاته و مستقل عن الحكام و المحكومين لابد أن يسلم لها بقدرات قانونية مستقلة تمكنها ليس من إتيان أعمال مادية فقط بل من ممارسة مختلف التصرفات القانونية و هو ما يطلق عليه بالأهلية القانونية سواء كانت :
أهلية وجوب : و يقصد بها صلاحية الشخص لكسب الحقوق و تحمل الإلتزامات و هي تختلط بالشخصية وجودا و عدما. (الجنين في بطن أمه يملك أهلية وجوب ناقصة).
أهلية أداء : صلاحية الشخص لأن يباشر بنفسه التصرفات القانونية التي من شأنها أن تكسبه حقا أو تحمله دين.
و بما أن الدولة كغيرها من الأشخاص المعنوية لا تستطيع أن تمارس بذاتها ما تخوله لها أهليتها القانونية من أعمال و تصرفات و إنما يمارس هذه الأعمال نيابة عنها و باسمها أشخاص آدميون و هم الحكام طبقا لما ينص عليه الدستور و تتميز أهلية الدولة بخاصيتين هما :
- تصرفات الإرادة المنفردة و
- قدرة القهر المادي أو إمتياز التنفيذ المباشر.
2- الذمة المالية : معناه مجموع ما يكون للشخص من حقوق و إلتزامات مالية، و بإعتبار الدولة شخص قانوني لها ذمة مالية خاصة بها و مستقلة عن الذمة المالية للأعضاء المكونين لها و لممثليها الذين يتصرفون باسمها و من ثم فإن الحقوق و الإلتزامات التي ترتبها تصرفات حكام الدولة باسمها و لحسابها لا تعود إلى الذمة المالية لهؤلاء الحكام و لكنها تكوّن حقوق و إلتزامات لحساب الدولة ذاتها (يمكن للدولة أن تكون دائنة أو مدينة).
3- وحدة الدولة و ديموماتها : المقصود بأن الدولة تمثل وحدة قانونية واحدة هو أن تعدد سلطاتها العامة من تشريعية و تنفيذية و قضائية و كذلك تعدد ممثلي الدولة و تعدد الأجهزة و الأشخاص التي تعبر عن إرادتها و تعمل باسمها لا يغيّر من وصفها كشخص قانوني واحد، و المقصود بأن الدولة تمثل وحدة قانونية دائمة فيعني أن وجود الدولة كشخص قانوني و إستمرارها لا يتأثر بتغير الأشخاص الممثلين لها أو بتغير نظام الحكم فيها، و ما يبرر إستمرار الدولة و ديمومتها إعتبارها شخصا قانونيا مستقلا و متميزا في وجوده و حياته عن وجود و حياة الأفراد المكونين له أو الممثلين له و أنها تستهدف أغراضا تتجاوز عمر جيل بذاته من أجيال شعبها.
يترتب على صفة ديمومة الدولة الآتي :
- الحقوق التي تثبت للدولة في مواجهة الغير و كذلك الإلتزامات التي تتعهد بها الدولة لصالح الغير تبقى واجبة النفاذ للدولة أو عليها مهما حدثت التغيرات التي تصيب الشكل الدستوري أو تغيّر الحكام.
- المعاهدات و الإتفاقات التي تبرمها الدولة مع غيرها من الدول تبقى قائمة و واجبة النفاذ مادامت الدولة قائمة بغض النظر عن تغيّر ممثليها.
- القوانين التي تصدرها السلطات المختصة في الدولة تبقى هي الأخرى قائمة و واجبة النفاذ مهما تغيّر النظام الدستوري إلى أن يتم تعديلها أو إلغائها صراحة أو ضمنا وفقا للإجراءات المحددة لذلك.
الفصل الثالث : خضوع الدولة للقانون
خضوع الدولة للقانون
الدولة القانونية
دولة القانون
الدولة القانونية المقصود بها هو أن كل التصرفات الصادرة عن ممثلي الدولة و الناطقين باسمها أن تكون خاضعة لقاعدة قانونية أسمى و أعلى. و هو حديث النشأة نظرا لإختلاط شخصية الحاكم بشخصية الدولة في القديم، و مع بداية النهضة و تطوّر النظام القانوني حاول الفقهاء إيجاد سند و مبرر الذي على أساسه تخضع الدولة للقانون. هناك 4 نظريات :
1- نظرية القانون الطبيعي
مضمونها : في الطبيعة قوانين تتطابق مع العقل و التفكير السليم أي منطق الأشياء و هي موجودة منذ الأزل الإنسان بفطرته يمكن له إستنباطها، و هذه القوانين (قواعد القانون الطبيعي) سابقة في وجودها للدولة، و بالتالي يجب أن تخضع الدولة لفكرة القانون الطبيعي "قروسيوس" أشهر فقيه قالها.
النقد : نظرية غامضة لا تتسم بالوضوح و الدقة حتى يمكن الأخذ بها.
مجرد مبادئ و أفكار سياسية لها طابع أدبي أكثر من الطابع الإلزامي..
2- نظرية الحقوق الفردية
الفرد قبل أن يعيش ضمن الجماعة أي في إطار الدولة أي قبل إنشاء المجتمع السياسي و كان يتمتع قبلها بحقوق فردية، وجود الدولة و تصرفاتها يجب ألاّ يؤثر على حقوق الأفراد التي وجدت قبل الدولة و لا يمكن وضع قانون يمس بالحقوق.
النقد : تفترض أن الإنسان كان يعيش منعزلا خلافا للواقع.
الحقوق الفردية في حاجة لتحديدها و كيفية ممارستها.
صاحب الحق يخوله أن يفرض إرادته على أفراد آخرين و بالتالي الفرد إكتسب حقوق و هو في جماعة.
3- نظرية التحديد الذاتي
الدولة فعلا هي التي تضع القوانين بإعتبارها تملك السلطة العليا داخل المجتمع "السيادة". لكن على أي أساس تحترم الدولة هذه القوانين التي تضعها ؟
أصحاب هذه النظرية يرون أن هذا الأساس لا يخرج عن نطاق الدولة تقيد نفسها بنفسها.
النقد : من الصعب تطبيقها في الواقع لأنه لا يوجد من يلزم الدولة على إحترام القوانين، كسجين يعطى له مفتاح السجن و يأمر بعدم الخروج منه.
و لكن هذه النظرية هي الأقرب إلى الواقع لأنه لا توجد سلطة تعلوها الغرض من إحترام الدولة للقوانين هو فرض النظام داخل المجتمع.
4- نظرية التضامن الإجتماعي
من أصحابها "دوجي"، يقولون بأن وجود فكرة السيادة معناه أننا نعطي السمو لإرادة بشر على آخرين (الحكام) يفرضون إرادتهم.
هذه النظرية تنكر فكرة وجود السيادة و تقول أن الدولة ليست من تضع القانون بل أن التضامن الإجتماعي هو الذي يفرض و يخلق و يقرر ضرورة وجود القانون و بالتالي مهمة السلطة هو التعبير عن هذا التضامن، فالدولة دورها كاشف عن القاعدة القانونية التي نمت في ضمير الجماعة. فالإلزام يأتي من فكرة التضامن.
النقد :
هذه النظرية تنطلق من فكرة التضامن داخل المجتمع و في الواقع أنه يوجد أيضا صراع بين الأفراد، فداخل المجتمع من الناحية الفعلية أن الصفة الإلزامية تعطيها الدولة للقاعدة القانونية، و ليس التضامن الإجتماعي لأنها تملك وسائل الإجبار.
القاسم المشترك بين النظريات الأربعة أنها تقرر فكرة خضوع الدولة للقانون، هناك معايير حتى نكون بصدد دولة قانونية.
عناصر الدولة القانونية و وسائل تحقيقها
1- وجود الدستور : بغض النظر عن نوعيته. و هو إحدى الضمانات على وجود الدولة القانونية لأنه الذي يحدد السلطة داخل الدولة و إختصاصات هذه السلطة بحيث إذا خرجت السلطة عن نص دستوري فإن تصرفها يكون غير شرعي.
2- مبدأ الفصل بين السلطات : إنطلاقا من أن مهام الدولة تطبيق القانون "تشرع و تنفذها إما عن طريق السلطة القضائية أو التنفيذية"، فللدولة ثلاث وظائف قضائية، تشريعية و تنفيذية و السلطة تستهوي و تجعله "مالك السلطة" و تدفعه للتعسف و الإستبداد و تجنبا لذلك نفصل بين السلطات الحاكم لا يستطيع أن يمس بحقوق و حريات الدولة كل سلطة تقابلها سلطة أخرى تراقبها، حتى نضمن عدم إعتداء سلطة على حريات الأفراد.
3- خضوع الإدارة للقانون : "سيادة القانون"، كل التصرفات التي تقوم بها الإدارة سواء كانت تتمثل في قرارات إدارية أو أعمال مادية يجب أن تكون تنفيذا لقاعدة قانونية موضوعة مسبقا، الإدارة في مركز أدنى من السلطة التشريعية لأن هذه الأخيرة تعتمد على الشعب.
4- تدرج القواعد القانونية : القوانين المطبقة داخل الدولة متنوعة موضوعة في شكل تسلسل هرمي في القمة نجد الدستور و في المرتبة الثانية التشريع أو القوانين العادية ثم في المرتبة الثالثة اللوائح التنفيذية أو المراسيم، و في الأخير القرارات الفردية.
5- الإعتراف بالحقوق و الحريات الفردية العامة : الدولة (السلطات) يجب أن تحترم حقوق و حريات الأفراد داخل المجتمع، الإشكال أن نوعية الحقوق تختلف بإختلاف النظام السياسي.
بصفة عامة في المرحلة السابقة كان موقف الدولة سلبي أي أنه لا يحق للدولة التصرف مسا بحقوق و حريات الأفراد أي أنها لا تتدخل في النشاطات الفردية. و مع ظهور النظام الإشتراكي أصبح دور الدولة تدخلي لم يعد بالمفهوم السلبي، بل يفرض على الدولة التدخل لتحقيق الحقوق للأفراد خاصة الحماية الإجتماعية : "التعليم، الصحة ..." و الحماية الإقتصادية "الشغل".
6- تنظيم رقابة قضائية و إستقلالها : هو الذي يكفل إحترام تطبيق القواعد القانونية، لها عدة أشكال: الرقابة السياسية ،القضائية و الرقابة الإدارية التي تمارسها السلطة المركزية على الهيئات الإدارية الأدنى الموضوعة تحت رئاستها و كذلك المرافق الإدارية.
الرقابة القضائية تمارس من خلال المحاكم سواء كانت محاكم القضاء العادي أو محاكم القضاء الإداري.
رقابة الرأي العام.
الفصل الرابع : أصل نشأة الدولة
أصل نشأة الدولة
إذا بحثنا عن الجانب الزمني لها فتحت بصدد دراسة تاريخية. نكون بصدد دولة عند حدوث إنقسام في الجماعة إلى حكام و محكومين، و إذا إنطلقنا من هذا التعريف للدولة فهي ظاهرة قديمة جدا.
للإجابة القانونية عن السؤال : على أي أساس تنقسم الجماعة إلى حكام و محكومين ؟!
هناك عدة نظريات لتقديم جواب عن : "متى نشأت الدولة؟!" و قدمت تفسيرا للتساؤل السابق :
1- النظرية التيوقراطية أو الدينية
مضمون هذه النظرية أن الدولة نظام إلهي السلطة مصدرها الله و هو من يختار الحكام، و أخذت ثلاث أشكال :
التفسير الأول : نظرية الطبيعة الإلهية للحاكم :
الحاكم هو الله بذاته وجدت هذه النظرية تطبيقها في الحضارة الفرعونية.
كل نظرية تعبّر عن مرحلة معينة من تطوّر البشر.
التفسير الثاني : نظرية الحق الإلهي المباشر : التفويض الإلهي :
الحاكم ليس الإله بل هو بشر لكن الله هو الذي يختار الحاكم من بين أفراد البشر، هناك تفسيرين : هناك من يربط هذه النظرية مع ظهور المسيحية أي صراع بين السلطتين الدينية (الكنيسة) و السلطة الزمنية أو السياسية (الحاكم).
التفسير الثالث : نظرية الحق الإلهي غير المباشر :
يبقى مصدر السلطة الله و لكنه لا يسلمها له مباشرة بل أن الله يرتب الحوادث حتى يختار الحاكم، هناك من ربط هذا التفسير مع تطوّر الصراع بين القيصر و الكنيسة.
السلطة ليست للبشر، الحاكم لا يسأل أمام المحكومين بل أمام الله، هذه النظرية تكرس مبدأ الإستبداد و الديكتاتورية.
2- نظرية العقد الإجتماعي : النظريات الديموقراطية
السلطة مصدرها الشعب و حتى تكون مشروعة يجب أن تكون وليدة الإرادة الحرة للجماعة التي تحكمها السلطة نشأت نتيجة لعقد أبرم ما بين الأفراد في داخل المجتمع من أجل إنشاء هيئة تتولى حكم الأفراد.
تبلورت بشكل واضح مع بداية النهضة الأوروبية لما سادت العقلانية كحل للسلطة السياسية، رغم ظهورها في زمن قديم جدا.
التفسير الأول : نظرية العقد الإجتماعي عند توماس هوبز : 1588-1679
حياة الإنسان الفطرية كانت تتسم بالأنانية و الصراعات و رغبة من الإنسان في الخروج من هذه الحياة الصعبة تم الإتفاق على إيجاد شخص أو هيئة حاكمة مهمتها إقرار السلام و العدالة و الأمن داخل المجتمع.
فالحاكم ليس طرفا في العقد و بالتالي سلطة الحاكم سوف تكون مطلقة و لا يحق للأفراد أن يُسائلوه أي أنه ليس مسؤولا أمامهم.
التفسير الثاني : لـ : جون لوك
حياة الفطرة كانت تتسم بنزعة السلام و التعاون و الحرية لكن الأشخاص شعروا بحاجة إلى من يستنبط القواعد الطبيعية و يضعها موضع التنفيذ في المجتمع، فإن الأفراد داخل المجتمع تعاقدوا مع الحاكم فتنازلوا عن جزء من حقوقهم الطبيعية مقابل أن يكفل الحاكم حماية بقية حقوقهم.
الحاكم هنا طرف في العقد يحق للأفراد أن يسائلوه.
التفسير الثالث : جان جوك روسو : 1712-1778
يتفق مع لوك في أن حياة الفطرة كانت تتسم بالحرية و المساواة و السعادة لكن تعقد طبيعة الحياة دفع الأفراد إلى إبرام عقد فيما بينهم (الحاكم لا وجود له أثناء العقد).
مضمون العقد : يتنازل الأفراد عن كل حقوقهم الطبيعية مقابل تمتعهم بالحقوق المدنية، يترتب عن هذا التفسير :
1- الفرد لا يفقد شيئا بمقتضى هذا العقد، ينقل من مجتمع طبيعي إلى مجتمع مدني.
2- كل فرد يلتزم بإحترام المصلحة العامة أو الإرادة العامة.
3- الحكومة أو الهيئة الحاكمة تكون مفوضة من قبل أفراد المجتمع و القانون تعبير عن إرادة الجماعة.
4- حرية الفرد بما لا يتعارض و الإرادة العامة.
النقد :
لهذه النظرية الفضل في القضاء على الأنظمة الإستبدادية لكن :
1- من الناحية الواقعية لم يبرم الأفراد إتفاق فهي خيالية أي نتيجة تصور الفقهاء.
2- غير متصور من الناحية العملية "أكبر أكذوبة ناجحة عرفها التاريخ".
3- فكرة العقد لا تتماشى مع المنطق القانوني، لأنها تفرض أن العقد هو الذي أنشأ السلطة السياسية أما من حيث المنطق القانوني أن وجود السلطة السياسية هو الذي يضمن إلزامية العقود و توقيع الجزاء على مخالفتها.
3- نظرية التطور العائلي
الدولة أصل السلطة، يعود إلى فكرة السلطة الأبوية فأصل الدولة هو الأسرة التي تطورت إلى عشيرة قبيلة مدينة دولة. الفقهاء يقارنون بين سلطة الدولة و سلطة الأب.
النقد :
1- من الصعب المقارنة بين سلطة الأب و السلطة السياسية للدولة.
2- تفترض بأن حياة البشرية بدأت بالأسرة و هذا خطأ، فالأسرة وجدت بعد فترة طويلة من حياة البشرية المرحلة الأولى مرحلة مشاعية لا يوجد نظام الزواج.
4- نظرية القوة
أساس السلطة هو القوة و إن الدولة هي نظام مفروض عن طريق القوة، ففيه يفرض صاحب الغلبة أو القوة نفسه بإستعمال العنف على باقي أفراد الجماعة الذين يمتثلون لإرادته و يخضعون لسلطته.
النقد :
التاريخ عرف أمثلة كثيرة لدول نشأت عن طريق القوة لكن لا يمكن التسليم بهذه النظرية لوحدها لأنه يستحيل على الحكام أن يفوضوا سلطتهم عن طريق القوة وحدها فبدون رضا الجماعة يصعب على الحاكم ممارسة السلطة.
* نظرية عبد الرحمن بن خلدون 1332- 1406
أهم كتبه : "العبر: ديوان المبتدأ و الخبر في عصر العرب و العجم و البربر و من عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر".
5- النظرية الماركسية : التفسير الطبقي
حسب هذه النظرية :
الدولة ظهرت إلى الوجود حين ظهرت في المجتمع طبقات إقتصادية و إجتماعية متصارعة فيما بينها و الدولة كبناء تنظيمي وجدت لتأكيد سيادة الطبقة التي تملك القوة الإقتصادية على الطبقات الأخرى فتمارس سيطرتها من خلال أجهزة الدولة و أن ذلك أي هذه الهيمنة تكفل الإستقرار و النظام في داخل المجتمع، هيئات الدولة (التشريعية، التنفيذية و القضائية)، تمنح صفة الشرعية للطبقة المهيمنة إقتصاديا لأنه في غياب هيئات الدولة سوف يحدث صراعا مباشرا بين الطبقات و هذا يؤدي إلى تهديد كيان المجتمع و تزعم هذه الدولة بأنها فوق المصالح الطبقية أي أنها تظهر بمظهر الحياد في داخل المجتمع، الدولة جهاز أوجدتها الطبقة المسيطرة.
ميزة هذه النظرية أنها لا تفسر أصل السلطة و الدولة فحسب بل مآل هذه الدولة.
الدولة تمر بمرحلة وصول الطبقة العمالية إلى السلطة فتحقق في المرحلة الأولى المجتمع الإشتراكي و فيه يتم تحويل الملكية الخاصة إلى ملكية عامة و يطبق مبدأ التخطيط و من حيث توزيع الدخل يتم وفقا لمبدأ (من كل حسب طاقته و لكل حسب عمله)، و بعد زوال الطبقات من داخل المجتمع فإن هذا الأخير يصبح في غير حاجة إلى الدولة و بالتالي و بالتالي فإنها تزول و يتحقق المجتمع الشيوعي و فيه يطبق مبدأ (من كل حسب عمله و لكل حسب حاجته).
النقد : إذا كانت هذه النظرية الأقرب تفسيرا من الناحية العملية لنشأة الدولة فإنه يصعب قصر نشأة على العامل الإقتصادي فقط، لأن هناك عوامل أخرى أخرى ساهمت في وجود الدولة مثل العوامل الثقافية، و الإجتماعية و الدينية.
6- نظرية التطور التاريخي
يرفض أصحاب هذه النظرية إرجاع أصل الدولة إلى عامل واحد من العوامل المذكورة سابقا، فحسب رأيهم الدولة نشأت كظاهرة إجتماعية نتيجة لمجموعة من العوامل المتفاعلة فيما بينها و قد إتخذت هذه الدولة خلال مراحل تطورها أشكالا متعددة حسب طبيعة العوامل الإجتماعية، التاريخية، و الإقتصادية التي تفاعلت معها.
و في الأخير يمكن القول بأن هذه النظرية هي الأقرب إلى التفسير المقبول لنشأة الدولة.
الفصل الخامس : أشكال الدولة
أشكال الدول
من الناحية الشكلية تقسم الدول إلى دول بسيطة و دول مركبة، و يعتمد هذا التقسيم على تركيب و وصف السلطة فيها، فإذا كنا بصدد دولة موحدة أما إذا كنا بصدد سلطة مركبة فنحن بصدد دولة مركبة.
1- الدولة البسيطة : الموحدة
تكون فيها السيادة موحدة لها صاحب واحد هو الدولة و تتركز السلطة في يد حكومة واحدة، يكون لها دستور واحد و يخضع الأفراد فيها لسلطة واحدة و لقوانين واحدة.
أ- من حيث تنظيم السلطة السياسية :
سلطة واحدة لمختلف أجهزتها.
ب- من حيث الجماعة :
جماعة واحدة متجانسة تخضع لنظام واحد رغم ما قد يكون من بعض الفوارق.
ج- من حيث الإقليم :
إقليم واحد تخضع جميع أجزائه لسلطة واحدة أو حكومة واحدة.
* المركزية و اللامركزية :
إن بساطة التركيب الدستوري للدولة لا يستلزم بساطة التنظيم الإداري فيها فقد تأخذ الدولة بنظام المركزية الإدارية (و هو ما يعني تجميع كل الوظائف الإدارية بيد السلطة المركزية القائمة في عاصمة الدولة)، و معنى ذلك خضوع كل الهيئات الإدارية المنتشرة عبر إقليم الدولة إلى السلطة المركزية في شكل هرمي.
أما اللامركزية الإدارية أو المرفقية فتعني توزيع ممارسة الوظيفة الإدارية و المرفقية بين السلطة المركزية في العاصمة و بين هيئات مستقلة تتمتع بالشخصية المعنوية كالولاية و البلدية في الجزائر أو كالأشخاص العامة (الصحة، البريد، التعليم ...) حيث تباشر هذه إختصاصات محدودة بطريقة إستقلالية عن السلطة المركزية لكن تحت رقابتها و هو ما يسمى بالوصاية الإدارية.
2- الدولة المركبة
تتألف من دولتين فأكثر و تتخذ أشكالا متعددة من حيث قوة أو ضعف الإتحاد فيما بينها و يمكن حصر أهم الدول المركبة فيما يلي :
أ- الإتحاد الشخصي
إتحاد عدة دول من حيث رئيس الدولة فقط، كمملكة هانوفر، العراق و الأردن 1958.
ب- الإتحاد الحقيقي أو الفعلي
إتحاد بين دولتين فأكثر بحيث تفنى الشخصية القانونية لكل دولة، أما الشؤون الداخلية فتستقل بها كل دولة على حدى.
ت- الإتحاد الإستقلالي أو التعاهدي أو الكونفدرالي
يتم بإنضمام دولتين أو أكثر كاملتي السيادة بناء على معاهدة تبرم بينها و تحدد الأهداف المشتركة التي تلتزم بها دول الإتحاد (الدفاع المشترك مثلا)، كجامعة الدول العربية.
ث- الإتحاد المركزي أو الفدرالي
عبارة عن دولة مركبة من عدد من الدويلات إتحدت فيما بينها.
* مظاهر الوحدة في الإتحاد المركزي :
1* في المجال الخارجي :
تفقد جميع الدويلات (الولايات) الداخلة في هذا الإتحاد إستقلالها و سيادتها الخارجية، لا يصبح لها شخصية قانونية دولية، و يظهر شخص معنوي يتمتع بالشخصية هي الدولة المركزية التي تتولى كل الشؤون الخارجية (إبرام المعاهدات، إعلان الحرب، تعيين السفراء...).
هناك إستثناء في الإتحاد السوفياتي سابقا بعد الحرب العالمية الثانية عندما سمح لجمهورية أوكرانيا و روسيا بالتمثيل الخارجي لدى الأمم المتحدة.
- ماذا يترتب على قيام الإتحاد الفدرالي ؟
1. الإتحاد يضم جنسية مشتركة لجميع الدويلات الأعضاء هي جنسية دولة الإتحاد، لكن يبقى لمواطني كل دويلة يتمتعون برعوية تلك الدولة.
2. إقليم دولة الإتحاد يعتبر وحدة واحدة يشمل جميع أقاليم الدويلات الداخلة في الإتحاد كما قد سبق يشمل أجزاء تتبع مباشرة إلى دولة الإتحاد مثل جزر هاواي.
2* في المجال الداخلي :
تتولى وثيقة الإتحاد (دستور أو معاهدة) توزيع مظاهر السيادة الداخلة بين الحكومة المركزية من ناحية و حكومات الولايات الأعضاء من ناحية أخرى و معنى ذلك أنه في الإتحاد المركزي تكون هناك حكومة مركزية (فدرالية) تكون لها بعض السلطة على حكومات الولايات أو الدويلات الأعضاء و على رعاياها، و يبق