خطة البحث
مقدمة
المبحث الأول : النظام القانوني للشركة
المطلب الأول : جنسية الشركات
المطلب الثاني :قانون الشركات
المبحث الثاني : الوضعية القانونية للشركات الأجنبية في الجزائر
المطلب الأول : الاعتراف بالشركات الأجنبية
المطلب الثاني : قبول الشركة
خاتمة
يطرح الشخصيات المعنوية عموما والشركات خصوصا قضية هامة إذ ان وجود ش م بذاته يثير الجدل لكونها لا تشكل واقعة مادية بل تمثل فكرة مجرة لا يمكن إحداثها ولا عملها ولا انقضاءها إلا ضمن نطاق قانوني معين ويؤدي النشاط الاعتباري للشركة إلى نتائج قانونية على 03 مستويات هي :
-الاعتراف بهذه الشخصية المعنوية .
-القانون الواجب التطبيق على تسييرها .
- القانون الواجب التطبيق على وضعيتها كشخصية أجنبية .
وتطبيق أحكام المادتين 10، 11 ق.إ.م على كل من الأشخاص ط أو الأشخاص م غير أنه قد تطرأ قضية دقيقة تتعلق بمعيار تحديد الجنسية الجزائرية للشخص م وعلى الرغم من أن معيار المركزي لم يكرس صراحة كمعيار محدد لجنسية الأشخاص المعنويين لكنه يشكل المعيار الأكثر استعمالا في نصوص القانون الوضعي عموما ويخضع النظام القانوني للشركة عادة للقانون الذي تم تحت ولايته إبرام عقدها غير ان ش م الناجمة عن عقد الشركة تلعب الدور الأكثر أهمية وتقضي هذا القانون في نهاية الأمر إلى المرتبة الثانية .
إن ش م هي التي تسمح للشركة بممارسة نشاطها لتبرز قضية القانون واجب التطبيق على النظام القانوني وهذا بغية تحديد ما يعرف بإسم (جنسية الشركات).
وسوف نعالج فيما يلي بصورة رئيسية موضوع الشخصية المعنوية التي تستهدف الربح أي الشركات التجارية فندرس أولا القضايا الناجمة عن إحداثها وتسييرها و إلى ترابطها بالنظام القانوني الذي أحدثها ثم نتطرق بعد ذلك إلى دراسة نشاطها حين يتجاوز هذا النشاط حدود بلدها الأصلي وهذا ما يعرف بوضعيتها كشخصية أجنبية .
المبحث الأول: النظام القانوني للشركة :
يخضع النظام القانوني للشركة عادة للقانون الذي تم تحت ولايته إبرام عقدها، غير تن الشخصية المعنوية الناجمة عن عقد الشركة تلعب الدور الأكثر أهمية وتقضي هذا القانون في نهاية الأمر إلى المرتبة الثانية. إن الشخصية المعنوية هي التي تسمح للشركة بممارسة نشاطها حيث تبرز بمناسبة هذا النشاط قضية القانون واجب التطبيق على النظام القانوني وهذا بغية تحديد ما أطلق عليه التعامل إسم جنسية الشركات .
المطلب الأول : جنسية الشركات :
تتمثل القضية في معرفة ما إذا كانت توجد بين الدولة والشخصية المعنوية رابطة خضوع مماثلة بتلك الرابطة العائدة للأشخاص الطبيعيين، وتثير هذه القضية جدلا واسعا في أوساط القانون الدولي، إن الإختلافات القائمة بين الأشخاص الطبيعيين والشخصيات المعنوية ألقت ظلالا من الشك في الأذهان فالشخص الطبيعي يرتبط دوما ببلد واحد مهما كان عمله أو إقامته فهو فضلا عن ذلك لا يمكن أن يوحد سوى في مكان واحد في وقت واحد، غبر أنه يمكن للشخصية المعنوية ذات الأبعاد الدولية أن يكون لها صلات مع عدة بلدان كما ان الشخصية المعنوية قد تبتعد عن مكان إحداثها الأصلي لدرجة لا ينبغي لها مع هذا الأخير أي صلة فعلية .
-ربط الشخصية المعنوية : تملك الشركة هيئات للإدارة والتسيير يتوقف وجودها وصحتها على القواعد القانونية والتعاقدية التي تسري عليها ويمكن القول بعبارة أخرى أنها لا يمكن ان تمارس نشاطها إلا إذا تم تشكيلها بصورة نظامية وفقا لقانون الذي أحدثت تحت ولايته وبما أن قوانين مختلف البلدان ليست متماثلة ولا تتبع ذات السيادة فإنه ينبغي تحديد قانون الشركة لمعرفة القواعد التي تسري عليها وقد أدى هذا البحث عن القانون الواجب التطبيق إلى الاستعانة بمفهوم الجنسية التقليدي واعتبرت الشخصية المعنوية خاضعة لقانونها الوطني قياسا على ما يحدث بالنسبة للشخص الطبيعي، وقد تم تعميم مفهوم جنسية الشركات في وقت كانت فيه النظرية الواقعية حول الشخصيات المعنوية واسعة الانتشار وكان يقال بأن الشركة تمثل واقع مستقل ويجب بالتالي ان تسبغ عليها الجنسية أسوة بالأشخاص الطبيعيين، غير انه تبينت أن هذه الجنسية لا تؤدي إلى حل قضية تنازع القوانين طالما انه يتوجب بعد ذلك اختيار المعايير التي تحدده، والواقع أن الجنسية تستخلص بالنسبة للأشخاص الطبيعيين من واقعة وحيدة فانون الأرض أو قانون الدم بينما تبدو الوقائع المستعملة في حالة الشخصيات المعنوية غير قابلة للتطبيق إذ تكون في أغلب الأحيان وهمية او متعددة أو إحتيالية أو كذلك عسيرة التحديد.
*معايير تحديد الجنسية : يبقى علينا أن نكشف ماهية جنسية الشركة وفقا للتعريف الذي سبق ذكره، وبما أن الجنسية تحدث بموجب القانون فإنه يتعين علينا إخيار الصلة التي تربطها بهذا النظام القانوني، إن المعايير متعددة وجميعها تنطوي على مساوئ ومحاسن وهذا ما يفسر تقلبات كل من هذه المعايير والاضطراب الذي يسود استعمالها وقد انطلقت الأبحاث من دراسة الأساس النظري للمجموعة ومن ثم للأشخاص الذين تتألف منهم، وينبع الإشكال من كون الشركة تمثل بذات الوقت عقدا وشخصية معنوية وعلى هذا الأساس فإن اخذ الصفة التعاقدية بعين الاعتبار يقود إلى منح الشركاء حرية كبيرة في تحديد جنسية الشركة غير أن المعيارين، المعيار المرتكز على العقد والمعيار المرتكز على الشخصية المعنوية ينطويان على أوجه شبه فيما بينهما، إنهما يشكلان معيارين موضوعيين بمعنى أنهما يرتكزان على مفهوم الشركة بغض النظر عن الأشخاص المتواجدين خلف واجهتها القانونية وكرد فعل على هذه المعايير الموضوعية ظهرت المعايير الذاتية التي تركز على شخصية الشركاء والمديرين والتي تنسجم مع النظرية الاعتبارية للشخصية المعنوية، وتعتمد هذه النظريات الذاتية على معيار المراقبة .
أ/ المعايير المرتكزة على مفهوم العقد: يمنح المعيار التعاقدي الأطراف في العقد أكبر قسط من الحرية
1-المعيار المرتكز على إختيار الشركاء والمديرين الاجتماعيين: يشكل هذا المعيار تطبيقا للحل المعتمد بصورة عامة في المواد التعاقدية مع وجود التقيدات مع ذلك، لا تعتبر حرية الاختيار غبر محدودة تماما لأن الصلة يجب أن تكون فعلية والمقر يجب أن يمثل مقرا حقيقيا، وتكمل مساوئ هذا المعيار في إمكانية اللجوء إلى الاحتيال الأمر الذي يحول دون تطبيقه في مجال التمتع بالحقوق .
2-المعيار المرتكز على مكان تأسيس الشركة : إنها نظرية التأسيس وحجتها ان الدولة العائدة لمكان التأسيس تستطيع لوحدها ان تضفي الشخصية المعنوية على الشركة، وبالتالي تطبيق قانونها على نظام الشركة القانونية
المطلب الثــاني : قانون الشركـات :
سواء تم استعمال معيار المقر الاجتماعي او المراقبة او التأسيس فإن ذلك يستهدف القانون الواجب التطبيق على النظام القانوني للشركة أو تحديد جنسية هذه الأخيرة غير ان تحديد الجنسية يطرح عدة قضايا منها :
1. قضية التكيف : إن أول قضية تطرحها الشركة على المستوى القانوني تتمثل في موضعها أي تحديد موطنها الاجتماعي، يتعين علينا إذن أن نحدد مفهوم الموطن وفي البداية القانون الذي نكيف بموجبه هذا الموطن، لقد تم إعداد الأنظمة المذهبية في البداية بصدد موطن الأشخاص الطبيعيين أما المقر الاجتماعي الذي يمثل موطن الشركات فإن مفهومه يتحدد إنطلاقا من عناصر مختلفة وهكذا فإنه يتعين الاختيار بين المقر التأسيسي والمقر الحقيقي كما ان تحديد هذا الأخير يمكن أن يرتكز على مركز الاستثمار أو مركز القرار، وقد تم إقتراح عدة أنظمة :
أ-القانون الوطني للشركة : يمكننا أسوة بالأشخاص الطبيعيين ان نستند إلى القانون الوطني للشركة غير ان هذا النظام غير قابل للتطبيق هنا لأن الموطن هو الذي يتحكم في ما يتعلق بالشخصيات المعنوية بالاختصاص التشريعي أي الجنسية وهذا يعني أن تطبيق هذا النظام يقودنا إلى حلقة مفرغة لأن الجنسية لا يمكن ان تعرف إلا عن طريق المقر الاجتماعي .
ب-نظام الإقليمية : اقترح عدد من المؤلفين القدماء اعتماد نظام الإقليمية الذي تم تكريسه في المادة 22 من قانون بوستمانت، ومازال يحظى في يومنا هذا بتجنيد بعض المؤلفين الذين يعتبرونه ضروريا، يرتكز هذا النظام على خلط مؤكد بين الشركة ووضعيتها .
ج-اللجوء إلى قانون الاستقلالية : لقد لاحظنا من خلال التحليل الذي أجرناه حول الموطن ان هذا الأخير يتألف من واقعة ومن نية، أي من واقعة الإقامة في مكان ما يقترن بالضرورة بنية البقاء فيه، وعلى هذا الأساس فإن تطبيق هذا النظام يؤدي إلى تطبيق قانون البلد الذي أقام فيه المؤسسون المقر التأسيسي الأصلي، غير أن هذا النظام لم يعتمد لعدة أسباب أهمها أن موطن الشركة قد ينتقل موضوعيا وهذا إستجابة لإرادة المساهمين الحالين
2/ الموطن الاجتماعي كمعيار للجنسية : مهما كانت نواقص المقر الاجتماعي فإنه يبقى المعيار الذي يؤمن استمرارية القانون الواجب التطبيق على النظام القانوني للشركة، تنص المادة 547 من قانون التجارة على ان موطن الشركة يكون في مقرها الاجتماعي، وتبين المادة 50 من القانون المدني على ان هذا المقر هو الذي توجد فيه إدارة الشركة وأخيرا فإن المرسوم المؤرخ في 16 افريل 1983 المتضمن تنظيم سجل التجارة يشير في المادة 10 – 5 إلى المؤسسات التجارية التي لها مقر في الخارج، وثمت توضيح لابد منه يتعلق ببقية المادة 50 من القانون المدني فقد بينت هذه الأخيرة أن الشركات التي يوجد مقرها الاجتماعي في الخارج والتي تمارس نشاطات في الجزائر يعتبر مقرها موجودا في الجزائر بالنسبة للقانون الداخلي .
والحجة الأخرى تتمثل في ان هذا المعيار يعتبر تطبيقا للقاعدة الكلاسيكية حول خضوع الأعمال القانونية لقانون مكان إبرامها غير أن سلطات دولة مكان التأسيس تعتبر نظرية بحتة وهي على كل حال محدودة ضمن نطاق الإقليم الذي تمارس عليه سيادتها وأن هذا المعيار يؤدي إلى إبقاء الشركة في تبعية جامدة وإذا ما تم نقل مقر الشركة إلى مكان آخر يصبح هذا المعيار غير فعال وغير واقعي
3/المعيار المرتكز على المقر الاجتماعي التأسيسي : إن هذا المعيار يتماثل عمليا مع المعيارين السابقين لأنه يسمح بتطبيق أقل اختيارات المؤسسين تبريرا ويمثل عودة إلى تطبيق نظرية استقلالية الإدارة .
أ-المعيار المرتكز على شخصية الشركاء والمديرين الاجتماعيين : إنه لا يشكل معيارا مستقلا بما فيه الكفاية، والواقع أنه لا يعقل أن تضطر الشركة كلما طرأ تغييرا على أكثريتها ان تعيد تأسيسها لكي تتكيف مع القانون الجديد وفضلا عن ذلك فإنه يستحيل في حالة الشركات المساهمة معرفة جنسية المساهمين .
ب-المعيار المرتكز على الشخصية المعنوية : لقد أصبحت الشركة شخصا من أشخاص القانون ويحق لها بهاته الصفة أن تتمتع بالجنسية وبما أنه لا يمكن تطبيق مبدأ قانون الدم عليها فإن اللجوء إلى رابطة قانون الأرض أصبح يشكل الحل الوحيد وهذا هو السبب في أن نظرية المقر الاجتماعي فرضت نفسها في ميدان جنسية الشركات .
المبحث الثاني : الوضعية القانونية للشركات الأجنبية في الجزائر :
إن الوضعية القانونية للشخصية المعنوية ضمن الإقليم الجزائري تطرح قضية الاعتراف بها لأن إحداث الشركة من طرف القانون الأجنبي لا يؤهلها للقيام بنشاطها تلقائيا في الجزائر وهذا يعني وجود قضية الاعتراف بوجود مثل هذه الشركات قبل الانتقال إلى معالجة قضية وضعيتها القانونية
المطلب الأول : الاعتراف بالشركات الأجنبية :
تدور القضية حول وجود شخص قانوني أجنبي ضمن النظام القانوني ويرتبط مفهوم الاعتراف بمفهوم الوجود لأن الاعتراف من قبل القانون يكون بناءا على الوجود القانوني الأجنبي إذن نحن أمام قضية ربط يجب أن تتم وفقا لقواعد تنازع قاضي محكمة القانون المعترف .إن النظام القانوني الذي يحدد وجود الشركة يكون هو النظام المعين من قبل قاعدة الربط العائدة لنظام تنازع الدولة المعترفة والواقع أن مبدأ الاعتراف الدولي بالشركات يبدوا مفرغا من معناه إذا لم يقترن بقاعدة الربط وهنا يكون الاشكال في الخلط بين الاعتراف والربط اللذين يطبقان في الواقع عن طريق مؤشرات متماثلة ويؤدي هذا الخلط إلى محاولة حل قضية الاعتراف عن طريق الربط .ويرى البعض أن مفهوم الاعتراف لا ينطوي على شيء إذا حكمنا عليه منفردا ولا تظهر هيمنته الحقيقية إلا بين بلدان لا يعرف أحدهما قاعدة الاعتراف العام ومهما يكن الأمر فإن الاتفاقيات الحديثة مثل الاتفاقية الموقعة في لاهاي بتاريخ : 1 جوان 1956 حول الاعتراف بالشخصية المعنوية للشركات والجمعيات تقّر ذلك إن الاعتراف بشكل أداة للتحقق من وجود الشركة لأن عددا من الشركات الوهمية التي اتضح ان مقرها الاجتماعي لا يتعدى كونه مجرد علبة بريد كانت لها عمليات إحتيال كبيرة وهذا يعني أن الاعتراف يعني التحقق من قانونية الشركة من خلال القانون الذي تخضع له وكذلك التأكد من جدية وحقيقة هيئاتها وتقدير ملاءمتها المالية والتقنية للمشروع الذي تود القيام به .إن مختلف الأنظمة القانونية تتضمن قاعدة قانونية اجتهادية أو عرضية تحرم الاعتراف أو تحييزه وفق شروط معينة وتنبع هذه القاعدة من تنازع القوانين أو من خلال ربط ش م بالقانون الأجنبي أو من وضعية الأجانب عن طريق حق الوجود والقيام بنشاط معين ضمن النظام القانوني للدولة المعترفة، غير أن الاعتراف بشركة أجنبية لا يتضمن منها الحق في التوطن بالجزائر بغية القيام بنشاط دائم والمطالبة بوضعية قانونية.إن الاعتراف يشكل عملية مسبقة لحق التوطن وممارسة النشاط ولا ينتج عنه غير منح الشركة حق القيام بأعمال متفرقة ، والواقع في ظل التعامل الجزائري هو الاعتراف التلقائي بكافة الشركات الأجنبية وحقها في القيام بأعمال متفرقة وهكذا فإن الطلبات والتقديمات والخدمات المقدمة من طرف الشركة الوطنية لفائدة الشركات الأجنبية لا تخضع لأي شكلية أما إذا تعلق الأمر بالقيام بنشاط دائم فهذا يجب أن يتم ضمن الشروط الملحوظة بموجب القانون .
إن قانون الشركات يحدث آثارا غير إقليمية بنسبة سريان مفعوله على النظام القانوني للشركة غير ان مفعوله لا يكون مطلقا ويعد بحكم الضرورة، حدوده في قانون الدولة التي تجري العمليات ضمن إقليمها والذي يحل أحيانا مكان قانون الشركة .
ويحدث أحيانا أن يطرح نشاط المجموعة تطبيق قواعد تنازع تختلف عن قواعد قانون الشركات محركا بذلك أهلية قوانين أخرى تسري على فئات الربط المعنية ، وهكذا فإن عددا من القوانين الأخرى المختصة بصفة مختلفة قد تنتصب أمام قانون الشركات : قانون مكان الجنحة ، قانون موقع الشيء ، قانون قاضي الدعوى ، قانون الاستقلالية في المواد التعاقدية .
ويحدث من جهة أخرى أن يعارض النظام المحلي تطبيق قانون الشركة الأجنبي وفي هذه الحالة يحل قانون قاضي الدعوى مكان قانون الشركات وهذا هو مبدأ العام المطبق في كل مكان وفقا للقانون الدولي الخاص .
ويشمل المجال الطبيعي لقانون الشركة تأسيسها وتسييرها وحلها وتصفيتها .