أخي الكريم
الصوفية هداهم الله يوردون عدداً من الأدلة التي يظنون أن فيها جواز ذكر الله المفرد، وهذا من قلة علمهم بالدليل وفهمه، وقلة متابعتهم لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وسيتبين لك ذلك مع عدد من الأدلة التي يوردونها والجواب عليها ..
- جاء في الحديث عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض : الله الله ) رواه مسلم وفي لفظ لأحمد ( حتى لا يقال في الأرض : لا إله إلا الله ).
وبالجمع بين الروايتين يتبين لك المعنى من الحديث، وتكرار لفظ الجلالة الثاني بالرفع هو تأكيد للمبتدأ لفظ الجلالة الأول، والخبر محذوف، فكل جملة اسمية لها مبتدأ وخبر وإلا لما كانت جملة ذات معنى. وتكرار اللفظ للتأكيد من كلام العرب، مثل ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الله الله ربي لا أشرك به شيئا ). وقوله عليه الصلاة والسلام ( الله الله في ما ملكت أيمانكم ) . وكقوله عليه الصلاة والسلام ( الله الله في أصحابي ).
ومن المعلوم أن الساعة لا تقوم إلا على شرار الناس وحتى تهدم الكعبة وتخرج ريح تنزع نفس كل مؤمنة ويخرج الشيطان اللات والعزى فتعبد ، فلا يبق على الأرض إلا مشرك وكافر. فالمعنى للحديث : لا يذكر اسم الله ولا يعبد فتقوم الساعة على أولئك القوم.
- أما قول بلال رضي الله عنه ( أحد أحد ) فإنه كان يؤمر بالشرك ويعذب فكان يرد عليهم بقوله
أحد أحد) أي واحد لا أشرك به. فهو لم يكن إلا رداً على من يأمره بالشرك، فهو في مقام الرد. ولم لا يسأل الصوفية: لماذا لم يفعل ذلك بلال في غير مقامه ذاك؟
- ويحتجون بقول الله ( قل الله ثم ذرهم في طغيانهم يعمهون ) فيبترون الآية ليوافق هواهم، ولو أتي بالآية من أولها لعلم أن ( قل الله ) جواب على ( من أنزل الكتاب ) قال تعالى (قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آَبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ ).
فهكذا ترى أن استدلالاتهم ضعيفة، وكان الواجب عليهم أن يرجعوا إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعلموا مالذكر الذي كان يقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأمر به الناس. وعجباً لقوم يتركوا البينات الواضحات ويذهبوا إلى المشتبهات ويخطئوا فيها. فلا أصابوا هذه ولا هذه.