الشاعرعبد الحميد شكيل لاصوات الشمال: اللغة في نصوصي هي صاحبة الجلالة .
حاورته : الشاعرة رجــاء الصديق
[ شوهد : 503 مرة ]
الشاعــر شكيل عبد الحميد
عبد الحميد شكيل مبدع النصوص الشعرية...في فضاءاته الدهشة يكرع الشجن المالح و في شعره تماوج موسيقي لرجرجة الماء و الحياة....هو باختصار صاحب اللغة الرقطاء و المفردة المنتقاة بدقة كانت اصوات الشمال سعيدة بمحاورته..
* أصوات الشمال : في نصوصك الشعرية تلوح لغة شجية حزينة تقول الشيئ و نقيضه كيف ذلك ؟
اللغة في الشعر تمايز أساس التفرقة بين شاعر و آخر و القصيدة التي لا تكون مؤثثة و مشبعة برواء اللغة و ظلها هي قصيدة منقوصة من الماء و الرواء ....كلما دخلت بيت القصيدة الا و حاولت أن ابتني داخل بنيتها اللغوية أشياء تزيل الجهامة و تبعث البهجة و تجعل الحياة جميلة و مستساغة .اللغة عندي مقولة الكاتب و هاجسي الذي يؤرقني و يذهب بي بعيدا في المساءلة و البحث و التقصي المضني الذي يجعلني في حالة من العشق و التيه و الهيمان ..عندما أدخل بيت اللغة اتطهر من اوزاري كيما أطوف في جنباتها الشجية و انا خلو من الحقد و الكراهية و الاجتثاث اي هو نبتة شيطانية مقيتة فاذا دخلت بيت المعنى و المبنى أورثته الحزن و القبح و التشوه...فمن خلال اللغة اقول ذاتي و أحلامي و مخيالي حتى أتواصل مع الحياة.
* اصوات الشمال : أنت من الأسماء التي بدات الكتابة في السبعينيات و ما زالت تكتب...كيف تراهن على هذه الديمومة اللذيذة المتواصلة ؟
الكتابة محبة و عشق و فناء..ان نكتب يعني اننا نمارس النزيف و القهر و البكاء الجميل ..الكتابة اخلاص للذات و المعنى و الموضوع و التحولات النوستالجية التي تعطينا دفق الحياةو ضوءها كيما نذهب صوب نقطة الضوء التي تلوح في آخر النفق . أنا أكتب لأجمل قبح الواقع و أرسم ما انكسر من مرايا الذات و هي تخرج من أوجار البؤس و العدمية و المحو لتؤسس ذاتها و هاجسها الذي يرسم الدرب و يفضي بنا الى مسارب هي البهجة و المعنى الذي يحفزنا كيما ننشد أغانينا في اتساع المكان و خرائبه القائمة.
* أصوات الشمال : عبد الحميد شكيل شاعر يطل على شبابيك الحداثة بلغة لصيقة بالتراث و تحولاته .كيف يتم ذلك ؟
الحداثة حداثات......الحداثة كما أفهمها هي ما أقوله من خلال التراث ليكون تراثا ...الحداثة التي لا تستوعب شرطي الذاتي و الانطلوجي هي حداثة منقوصة من الوهج و البريق الذي يؤشر الدرب و يفضي بنا الى منازل قائمة في المتخيل الجميل....الحداثة ليست ركضا في ملاعب الآخرين بل هي معايشة للذات الخصوصية و محاورة الموضوع في ظل المعطى و هو يتمدد في سماء من عماء الرتق. معرفة التراث و استيعابه هو ما يجعل الحداثة ممكنة و قادرة على الذهاب بنا الى مشارف تشير للخصوصية و الذاتية و تؤرخ لمعنى المغايرة و هي تنسل تاركة قشورها في سلةالواقع البائس.فالحداثة ما تجعلني منسجما و متواشجا و قادرا على الغناء مع نفسي دون تلعثم.
* أصوات الشمال : نصوص عبد الحميد شكيل تفيض بالرمز و الأسطورة و استشراق العالم الماورائي.هل نعتبر هذا هروبا من الواقع أم أنه أسلوب للانفلات من واقع الذات القاسية ؟
الشاعر في تحولاته و مكابداته و مجاهداته يكون متمرسا بمعنى الذهاب و الخرق و الانزياح الذي يقوله من خلال أوجاعه و هي تتحول و تذهب به نحو افق قد يفرحه و قد يحزنه .الرمز الجمالي الحامل لمخزونه و معناه هو القادر و المستوعب للشحنةالابداعية الجمالية القادرة على اغناء النص و اشباعه حتى يمكنه ان يتأسس نصا يقول و يهجس في غير بهوت. الاسطورة التي تجول في نصوصي هي قيمة جمالية أحاول من خلالها أن أحمل هم الواقع و أتخلص من أوجاعي ختى يمكنني أن أجتاز البرازخ الصعبة .الاسطورة و الرمز همسة في جفاف الذات و قسوتها و هي تخرج من طينها اللازوردي كيما تذهب الى بيت المعنى جميلة و رائعة.
* أصوات الشمال : يقال ان عبد الحميد شكيل يعرف من خلال لغته الشعرية المتماوجة مع الكثافة و العذوبة في تصوير الأنا و الآخر.ماذا تقول ؟
اللغة في الشعر تمايز منجز بين تجربة و أخرى لأن اللغة هي الحفر المجيد و القول الفريد و الذهاب المبهج في غاباتها و شعابها و أنت تنشد احزانك و توقع أناشيدك و تذهب نحو المستقبل عليك وجوبا ان تكون لغتك مشبعة و هي ان دلت على شيئ فانما تدل على بصمتك التي تسمك بميسمها و بها تعرف و من خلالها تقول و تعزف.
* أصوات الشمال : الماء.....و متفرعاته من المفردات المسيطرة بقوة على متنك الشعري ..ما تفسيرك لهذا التوظيف الجميل ؟
الماء هو الحياة ...هو تحولات الذات في سموقها و بروجها ..هو الشفافيةو الصفاء..وفي المفهوم الصوفي الماء لحظة صفاء و تجل مبهج يشير الى المعنى و لا يسميه لأن الماء أيضا دليل الخصب و النماء و الديمومة أعني الحياة في تجددها و تحولها نحو الأفق في سياق تراث الذات و حذق المخيال و هو يؤرخ للروح و يصف الحياة في بهجتها و تشظيها . كيف لي أن اخرج من ظل الماء و عنفوانه و بهائه و هو يصنع للحياة مجدها ؟الماء انا في نزقي و شبقي و احتراقي في هذه الربوع القاسية......
* اصوات الشمال : أنت من الشعراء الذين يكتبون القصيدة النثرية في الجزائر بامتياز مشهود له .كيف ترى مستقبلها ؟
الشعر هو مستقبل الانسان الذاهب نحو الامل و الفقد و النشدان البهيج .كتابة القصيدة النثرية هو محاولة جمالية مرهقة لترميم الذات و تجميل الخراب و دعوة لتشييد مدن القول و البوح و الغناء . القصيدة النثرية مساحة للعبور نحو ما نرى أنه الامل و الخلاص من لغة متشنجة تطفح بالبلاغة الشاحبة و القول المستسلم للمحسنات البلاغية و توابعها التي لم تعد بمستطاعها التغني بما يحلم به الانسان في القصيدة النثرية ارمح و اسرح اصعد و اهبط انشد اات و هي تذكي تواجدها في مرجل الواقع القاسي.
* اصوات الشمال : في بعض الاحيان تبدو اللغة المتفجرة عندك كمفردة طاغية توشح نصك بالرواء و الشبع ..حدثنا عن هذا التوهج الطافح و الايغال في عمق القصيدة عندك بكل هذا العنف الجميل ؟
كما ذكرت آنفا فان اللغة في نصوصي هي صاحبة الجلالة المتوجة بالبذخ و الصولجان و زهو الأغاني التي في الطوى .اللغة عندي مفردة سياقية أقول من خلالها و بها و عنها ما يلهب الوجدان و يحقق متعة الانسان و يجعلني محلقا في فضاء القول .
* أصوات الشمال : في رايك كيف تستقيم القصيدة و تعلو في ظل الانهيارات و التصدعات الحاصلة في واقعنا المأساوي ؟
ان القصيدة المؤثثة و المشبعة بهموم الذات و تصدعات الأنا و انكساراتها هي حالة من الذعرو الخوف و الفرح و البهجة المنجزة .أكتب قصيدة لأحرر ذاتي من اوجاعها ان القصيدة الحقة كيما تحقق روحها فانها تعلو و تشخب فتحمل في بنيتها و دلالاتها معنى التحول و الاضافة التي تكون مسلحة و قادرة على الصدام و المقارعة لان القصيدة المستسلمة لأقدارها لا يمكنها أن تحيا لان الواقع القاسي غشاها بازوته و دخانه و عفنه.الشاعر الحقيقي المشتغل على اللغة الجمالية المقوالة و الدالة على المتحقق و الرؤية و المخيال و المنصهر في غاباتها لا بد في النهاية أن تستسلم له هذه اللغة و تعمده بمائها و تباركها.
* أصوات الشمال : في قصائدك ملمح صوفي كيف ترى توظيفك له في نصوصك ؟
تصوفي هو تصوف لغوي جميل يقول المعنى و يسمي المبنى و يذهب في تواشيح لغة تشير و لا تسمي لان التسمية تعني التحديد و التقييد و الصوفية كما أفهمها هي لا تسمي و لا تقول و لكنها تشير الى المعنى و ظلاله.
* أصوات الشمال : كيف يقيم شاعر بونة الجميلة المشهد الابداعي في الجزائر في ظل كل هذه المتغيرات التي نعيشها ؟
المشهد الابداعي في الجزائر حيوي له كل المقومات ليكون مشهدا جماليا فاعلا .لكن الحركة النقدية غير مواكبة للنص الابداعي الذي ارتقى كثيرا و صار له المكان المميز في الساحة الثقافية العربية لأن هذا النص يحمل النزعة الانسانية في أبعادها الذاتية و الجمالية.
* أصوات الشمال :كيف ترى ما يسمى نقديا بالمجايلة ؟
المجايلة من المفردات النقدية الرجراجة هي غير ثابتة و لا مستقرة بل يمكنني أن اقول انها غير عملية لتحقيب الكتابة و منجزاتها لان الذي ظل يكتب لاكثر من 30 سنة في أي خانة تضعه ؟ المجايلة هي المصاحبة الواعية لتحولات النص و مباهجه في سياق تطور الذات و بحثها عن افق ابداعي جليل.
* أصوات الشمال :بمن تأثرت في مسيرتك الابداعية و هل أنت مع القائلين ان لكل مبدع اب روحي و هل تقر بقتل هذا الاب ؟
المبدع لا يمكنه ان يكتب من العدم الابداعي انه مفردة تتبدل و تتحول آخذة من اطراف المعنى و جدليته ما يحقق لها الخلود و البقاء انا قارئ نهم لكل المعارف في البداية تاثرت ببدر شاكر السياب و كان يشدني في شعره ذلكم الحزن الشفيف و المعاناة القاسية التي توشح شعره الجميل .أنا لا أستسيغ هذه المفردة التي تقر بقتل الاب لأننا لا يمكن أن نتخلص من هذا الأب الا من خلال كتابة متجاوزة للنمطية بذلك وحده يمكنني أن أتجاوز هذا الاب تجاوزا ابداعيا جماليا......
* أصوات الشمال : ماذا يقول شاعرنا في هذه الكلمات :
*الحب : الحياة المستمرة.
الأنثى : المفردة الأبدية.
* الأخوة : رب اخ لم تلده أمك.
* أصوات الشمال: كلمة اخيرة ؟
أشكر أصوات الشمال بكل طاقمها الساهر على اعلاء الكلمة المعبرة النظيفة و استضافتها لي لأطل على كل من يعرفني و لا يعرفني و أشكر الشاعرة الرقيقة رجاء الصديق على هذه الفسحة الشيقةو الحوار